يواجه قطاع الكهرباء في لبنان تهديدات خطيرة وهو معّرض لخطر الإنهيار التام. وفي الواقع، كان من بين أولى الخدمات التي عكست الإنهيار الإقتصادي. وفي قلب هذا الإنهيار، يكمن المرفق العام"مؤسسة كهرباء لبنان(EDL) . ولم يقتصر الأمر على معاناة هذه الأخيرة من أعباء سياسية ومالية وإدارية على مدى عقود، بل تعرّض مقرّها الرئيسي في بيروت للتدمير الكامل نتيجة انفجار بيروت في 4 آب. وتبعاً لذلك، فهي تعمل حالياً في ظروف غير عادية.
لقد تمّ وضع إطار تنظيمي قبل تسعة عشر عاماً: كان من المفترض أن ينظّم القانون 462/2002 قطاع الكهرباء، وينشئ الهيئة الوطنية لتنظيم الكهرباء (NERA)، ويفصل بين أنشطتها، الأمر الذي لم ينفّذ حتى الآن بسبب الخلاف السياسي المستمرّ حول دورها وصلاحياتها. ولا يمكن تفادي إعادة بناء قطاع الكهرباء، ومؤسسة كهرباء لبنان تحديداً، وسيحتاج ذلك إلى رؤية تحويليّة في مجال الطاقة يكون فيها لدور المرفق تأثير كبير على طريقة عمل نظام الطاقة في المستقبل.
استناداً إلى مقابلات مكثّفة مع أصحاب المصلحة في القطاع على المستوى المركزي وداخل مؤسسة كهرباء لبنان - بما في ذلك خبراء الطاقة في هذا المجال - تحاول هذه الدراسة فهم الهيكل التنظيمي الحالي لمؤسسة كهرباء لبنان وعملياتها، والتحديات التي تواجهها على مستويات عدّة، والأثر الذي يمكن أن تحدثه خدمة المؤسسة على نموذج التشغيل العام. في الوقت نفسه، تستكشف هذه الدراسة كيفية تنفيذ القانون 462/2002 في شكله الحالي من دون إدخال أيّ تعديلات عليه، كما تقدّم جدولاً زمنياً واقعياً لتنفيذه. ويتمّ ذلك من خلال تقييم قانوني متعمّق لأجزاء القانون، إلى جانب القوانين والمراسيم الأخرى التي تنظّم كلاً من قطاع الكهرباء ومؤسسة كهرباء لبنان. وينبغي لجدول التنفيذ الزمني هذا، الذي سيستغرق عاماً تقريباً، أن يوازي إطلاق عملية التجزئة وتشكيل ما لا يقلّ عن ثلاث شركات مملوكة ملكيّة عامة، تتولّى إدارة التوليد والنقل والتوزيع. وينبغي أن يقترن ذلك بمشاركة القطاع الخاص في كلّ من التوليد والتوزيع في غضون عامَيْن، وبنسبة تصل إلى 40% من أسهم الشركات المنشأة حديثاً.
وأخيراً، تستند الدراسة إلى الدروس المكتسبة من مرافق الكهرباء الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (MENA) وحول العالم، وتستخلص ما يمكن أن يتناسب مع السياق اللبناني. وقد وجدنا من خلال بحثنا أنّ التوصيات الرئيسية تتمحور حول أهمية وجود جهة تنظيمية، وزيادة السياسات، وتأثير التجزئة الناجحة لقطاع الكهرباء، ومرونته وقدرته على التكيّف، وأهمية وجود إطار تنظيمي شامل يستهدف الطاقة المتجدّدة.