ثمة حوالي 17 ألف مفقود ومخطوف لا تزال أسرهم تنتظر عودتهم. لقد اختفوا جميعاً خلال الحرب الأهلية في لبنان بين عام 1975 و1990. كانوا من مختلف الاديان والاجناس والاعمار والمعتقدات السياسية وتعرضوا للاختطاف على يد ميليشيات لبنانية مختلفة شاركت في الحرب، وكذلك على يد سوريا وإسرائيل.
منذ العام 2010 بدأت اروي قصص اهالي المفقودين وصور نضالهم المستمر.
محمد عباس
تجلس زهرة عباس على سريرها في شقتها في صور في جنوب لبنان. فُقِد محمد زوج زهرة في العام 1978 حين كان في طريقه إلى لبنان من المملكة العربية السعودية بعد انتهاء عقد عمله هناك. عَبَرَ محمد، الذي كان يقود سيارته ويرافقه اثنان من زملائه، الحدود السعودية والحدود الأردنية السورية ومن ثم الحدود السورية اللبنانية، إلا أنه لم يعد إلى عائلته في صور. كان في الـ32 من عمره.
في كانون الاول من سنة 2015، توفيت زهرة من دون أن تعرف مصير زوجها وكانت قد امضت حياتها تربي بناتهما الأربعة وحدها. لم تتوقّف عن البحث عن زوجها. كانت في الـ25 من عمرها في العام 1978.
جورج غاوي
على أحد السريريْن في الشقة التي تعيش فيها ماري غاوي بمفردها، والتي تضمّ غرفة نوم واحدة، وضعت صورة ممزقة إلى نصفين تمّ التقاطها في منتصف الستينيات وتظهر فيها مع ابنها جورج الذي يحمل شمعة كبيرة يوم أحد الشعانين.
كان جورج في الـ22 من عمره عندما اختطف في بيروت الغربية حيث كان في طريقه الى اجتماع عمل، يوم 30 كانون الأول 1983. كان ينوي أن يهرب مع خطيبته ليتزوجا على طريقة «الخطيفة» في اليوم التالي.
بعد سنوات من اختطاف جورج، مزقت ماري معظم صوره لتزيل الأقارب والأصحاب منها. ولم تبق أي صور على حالها سوى تلك التي التقطها خلال رحلته إلى هونغ كونغ قبل بضعة أشهر من اختطافه.
بحثت ماري عن ابنها في كل مكان، ولكن بدون جدوى.
كاريمان محمد
معطف من الفرو لكاريمان محمد أحمد، معلق في خزانة بغرفة نوم ابنتها رشا جمعة في صيدا بجنوب لبنان.
تركت كاريمان زوجها وطفليْها في المنزل في صيدا ذات يوم من العام 1986، وتوجهت نحو منزل والديْها في بيروت.
لم يكن زوج كاريمان ووالداها على تواصل، فمضى شهران قبل ان يدركوا أنّها لم تصل إلى بيروت في ذلك اليوم، وأنها كانت في الواقع مفقودة.
كانت رشا تبلغ من العمر خمسة أعوام في ذلك الوقت. بدأت رشا التحقيق في أمر اختفاء والدتها في خلال السنوات الماضية.
قزحيا شهوان
تجلس نهيل في حديقة المنزل الذي ولد فيه زوجها قزحيا شهوان وترعرع في البترون، شمال لبنان، وإلى حيث انتقلت بعد الزواج وأنجبت أطفالهما الأربعة.
في العام 1980، قدم مسلحون الى مقر عمل قزحيا واقتادوه الى التحقيق. كان في الـ28 من العمر، ولم يعد إلى المنزل مذاك.
كانت نهيل في الـ25 من عمرها آنذاك واضطرت إلى العمل لإعالة أطفالهما وإرسالهما إلى المدرسة ومساعدة حمويْها اللذيْن عاشت معهما لمدة 25 عاماً بعد اختطاف زوجها. بحثت نهيل عن زوجها في كل مكان، وتنقلت بين مراكز الاعتقال، إلى حين رأته بعد أشهر عدة ولبضع دقائق في سجن سوري. ومنذ ذلك اليوم، بقي مصيره مجهولاً.
رشيد اللدّاوي
تشاهد أم رشيد التلفاز في منزلها في طرابلس، شمال لبنان وتبدو معلقة على الحائط فوقها صور رشيد الذي خرج بتاريخ 10 نيسان 1976 لشراء السجائر ولم يعد. كان في الـ15 من عمره آنذاك.
بحثت والدته عنه في أنحاء البلاد كلها، ولكنها لم تحصل يوماً على أي معلومات عن مكان وجوده... قلبها يخبرها بأنه ما زال حياً.
كان كثيرون من المفقودين وضحايا الاختفاء القسري دون سنّ الـ18 عند اختطافهم.
وجيه زهلان
حذاء في مبنى مهجور كان يستخدم كمركز اعتقال في بحمدون، شرق بيروت، خلال الحرب الأهلية اللبنانية بين العام 1975 و1990.
في العام 1982، وُجدت رزمة من جوازات السفر التي تعود إلى أشخاص اختطفوا واعتقلوا داخل المبنى. ومن بينها وجد جواز سفر يعود إلى وجيه زهلان، بعد شهر من اختطافه.
غادر وجيه منزله في عاليه باكراً ذات صباح شتائي، وتوجه إلى البقاع مع زميله للعمل. ذلك الصباح لم يوقظ وجيه اولاده الاربعة ولم يودّعهم قطّ. وبعد يومين، عرف صديق للعائلة أنه تمّ إيقافهما في الطريق واقتيادهما بالقوة. كان وجيه في الـ38 من العمرً.
عندما وُجد جواز سفر وجيه كانت صورته مفقودة، ولكنّ المعلومات التي تشير إلى هويته كانت لا تزال عليه.
في العام 2014، دخل أيمن ابن وجيه المبنى للمرة الأولى منذ اختطاف والده. تجول ايمن بين الغرف يبحث عن عبارات مكتوبة على الجدران، أملاً بأن يجد رسالةً من والده. ولكنه لم يجد شيئاً.