إحصاء اللاجئين الفلسطينيين وتكسير الأساطير الزائفة

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 نيسان 18 4 دقائق للقراءة
لجأ إلى لبنان عام 1948 بعد النكبة حوالي مائة ألف لاجىء فلسطيني. ومرّت العلاقات الفلسطينية - اللبنانية بمراحل مختلفة من وفاق وخلاف، من سيطرة الجيش والمكتب الثاني على المخيمات أواخر ستينيات القرن الماضي، تلتها سيطرة الفصائل المسلحة لمنظمة التحرير الفلسطينية خلال الحرب الأهلية، وصولاً إلى الإجتياح الإسرائيلي عام 1982، ومن ثم خروج السلاح الفلسطيني والحرب على المخيمات الفلسطينية وحصارها في النصف الثاني من ثمانينيات القرن المنصرم.
وساد اعتقاد واسع النطاق بين اللبنانيين والعرب أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان قد يصل إلى نصف مليون لاجىء وبأقل تقدير الى أربعمئة ألف لاجىء في لبنان. وفي الحقيقة فإن سجلات الدولة اللبنانية أظهرت أن هناك 711.592 لاجئاً فلسطينياً مسجلاً  في سجلات الأمن العام اللبناني، حتى كانون الأول 2016، و459.292  لاجئاً مسجلاً في منظمة الأونروا حتى تاريخ آذار 2016.
أما التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، والذي قامت به لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني وإدارة الإحصاء المركزي والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2017، فقد توصل إلى أن هناك فقط 174.422 لاجئاً فلسطينياً مقيماً في لبنان وهناك 18.601 لاجئ نزحوا من سوريا إلى لبنان.
وعلى من يشكك في صحة هذه الأرقام معرفة:
أولاً: أن هذا تعداد فعلي وشامل ونوعي، والأول من نوعه، وأن له حيثية علمية ومصداقية عالية.
ولقد قام به جهازا الإحصاء اللبناني والفلسطيني تحت إشراف لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني. وطال التعداد كل سكان المخيمات الإثني عشر التي تعترف بها الحكومة اللبنانية، بمن فيهم المقيمون غير الفلسطينيين، وهي مخيمات: برج البراجنة، شاتيلا، مار الياس، ضبيه، عين الحلوة، المية ومية، الرشيدية، البص، برج الشمالي، الجليل، نهر البارد والبداوي، والتجمعات الفلسطينية المائة وستة وخمسون. وهذه التجمعات حددت بكل تجمع يقطن فيه خمس عشرة عائلة فلسطينية أو أكثر، وتنقسم إلى نوعين: التجمعات المحاذية للمخيمات نتيجة التوسع مثل مناطق نهر البارد في الشمال وصبرا في بيروت، والتجمعات الأخرى في القرى والمناطق المدينية وهي مناطق واسعة تشمل الضواحي والقرى المحيطة بالمدن، مثل تجمع جل البحر وقرى الشوف ومدينة صيدا القديمة.
لقد انخرط بهذا التعداد أكثر من 1000 شاب وشابة والعديد من الخبراء المحليين، الفلسطينيين واللبنانيين، والخبراء الدوليين. واستخدم التعداد تقنيات حديثة متقدمة مثل الأجهزة اللوحية (التابلت) المرتبطة مركزياً بنظام تجميع بيانات متطور.
ثانياً: شمل هذا التعداد جميع المباني والوحدات السكنية وغير السكنية العائدة للمخيمات والتجمعات الفلسطينية الموجودة على الأراضي اللبنانية، وطوّر نظام معلومات جغرافياً لجميع المباني في المخيمات والتجمعات الفلسطينية.
ثالثاً: تم اللجوء إلى فرق عمل ميدانية مدرّبة من مستويات أربعة هي: الباحثون الميدانيون، رؤساء الفرق، منسقو المناطق، والميسّرون. وتم تنفيذ العدّ الفعلي للسكان (فلسطينيون ولبنانيون وسوريون وعرب) في المناطق كافة في وقت واحد من 17 إلى 30 تموز 2017، وزار العدّادون جميع الأسر في مساكنهم، وطرحوا عليهم أكثر من 90 سؤالاً في استمارة غطت الخصائص الديموغرافية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية، والمسكن لجميع السكان.
رابعاً: بلغ تعداد السكان الإجمالي 237.614، هم إضافة إلى ما سبق ذكره من لاجئين فلسطينيين في لبنان وسوريا، هناك 30.368 سورياً، و 12.832 لبنانياً، و1390 من جنسيات أخرى.
وفي توزّع الفلسطينيين تبيّن أن 45% منهم يقيمون في المخيمات مقابل 55% خارج المخيمات في التجمعات والمناطق المحاذية لها. وتوزع اللاجئون الفلسطينيون على الأماكن التالية:
صيدا 35.8%، الشمال 25.1%، صور 14.7%، بيروت 13.4%، الشوف 7.1%، البقاع 4%.
خامساً: هناك 4.9% من الفلسطينيين يحملون جنسية أخرى غير الجنسية الفلسطينية، وهناك 7.2% منهم أميّون مقابل 93.6% ممن التحقوا بالتعليم من عمر 3 الى 13 سنة أو أكثر. أما نسبة البطالة فوصلت إلى 18.4% وترتفع بين الشباب الى 28.5% لمن هم بين 20-29 سنة. نسبة الفلسطينيين في المخيمات إجمالاً هي 72,8% وبقية السكان هم من السوريين واللبنانيين والجنسيات العربية الأخرى. ومتوسط عدد أفراد الأسرة هو أربعة فقط. ويلاحظ أن الفلسطينيين تحولوا إلى أقلية في بعض المخيمات المهمة مثل مخيم شاتيلا حيث نسبة الفلسطينيين وصلت إلى 29.7% مقابل 57.6% للسوريين، وفي مخيم مار الياس وصلت النسبة إلى 42.3% مقابل 39% للسوريين، وكذلك في ضبية 42.8% مقابل %38.9 للبنانيين، وفي مخيم برج البراجنة 44.8% مقابل47.9% للسوريين.
 
 
 
سادساً: تكسرّت أسطورة زائفة أخرى هي مجموع الفلسطينيين المتزوجين من لبنانيات وهو 3.707 حالات فقط، أو حوالي %2  فقط من عدد الفلسطينيين المقيمين الحالي وهو 174.422. أما الفلسطينيات المتزوجات من لبنانيين فلم تصل نسبتهن إلى 1% حيث أن العدد الإجمالي هو 1.219 حالة فقط.
وفي الختام، لا بد من تفسير ما لوصول عدد اللاجئين الفلسطينيين إلى هذا الرقم المتدني. وليس هناك من شك في أن الأسباب تتمحور حول السياسات العامة التي مارستها الدولة اللبنانية تجاههم، من تضييق الخناق حول العمل والمسكن والتعليم والصحة وكل سبل الحياة أولاً، ومن ثم أثر الحرب الأهلية وتضييق الخناق على الفلسطينيين في المخيمات خصوصاً في ثمانينيات القرن المنصرم ثانياً. وهذان العاملان دفعا اللاجئين الفلسطينيين إلى ترك لبنان وطلب اللجوء إلى الخارج، بحيث تناقص العدد إلى ما وصل إليه بمن تقطعت بهم السبل وبقوا في لبنان، أو بمن فضلوا البقاء رغم كل الصعاب.
من هذا المنطلق، إن هذا التعداد يعتبر فرصة لكي تعيد الدولة اللبنانية النظر في سياساتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وتعمل على تعديل التشريعات لتسمح لهم بالعمل والتملك والتعليم والتنقل، ولتحفظ حقوقهم المدنية والانسانية، وهو ما ستعمل عليه لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني في الفترة المقبلة.
A+
A-
share
نيسان 2018
أنظر أيضا
01 تشرين الأول 2015
01 تشرين الأول 2015
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
10 كانون الأول 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
10 كانون الأول 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد