في الوقت الذي يواجه فيه لبنان أسوأ أزمة اجتماعية - اقتصادية في تاريخه الحديث، يكافح اللبنانيون واللاجئون والمهاجرون وغيرهم، من أجل البقاء وتحمّل أعباء الحالات الطارئة المعقدة التي تؤثر سلباً على البلاد والعباد. إنّ الوضع الحالي محفوف بالمخاطر إلى حدّ كبير، بحيث تزداد الإحتياجات الإنسانيّة وتغدو ملحّة ومطلوبة أكثر من قبل.
بالنسبة إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين و"الأونروا"، فإن عدم ترك أي شخص في الخلف، يعني التأكد من أن الجميع هم محور استجاباتنا من دون أي استثناءات. ويتعلّق الأمر بضمان أن يكون أكثر الأشخاص ضعفاً في مجتمعنا، والذين هم أكثر عرضة لخطر عدم التمتّع بحقوقهم المدنية، أو السياسية، أو الثقافية، أو الإقتصادية، أو الإجتماعية، هم القادرون على الحصول على الخدمات والمساعدات، والعيش في أمان وكرامة، من دون أن يتخلّفوا عن الركب في خلال عمليات المساعدة والهبات. كذلك ينبغي أن يكون تعزيز حقوق الإنسان في صميم اهتماماتنا وتدخلاتنا، وأن تكون أيضاً أساسية وفورية بالنسبة إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها أكثر من غيرهم.
يعطي نهج الأمم المتحدة، الذي يركز على مساعدة الناس في لبنان، الأولويّة للتنمية المستدامة والسلام والمساعدات الإنسانية، من خلال تبني نهج قائم على الحقوق يضمن عدم تخلّف أي شخص في الخلف، لا سيما في مسائل المساواة بين الجنسين. ومن المفترض أن تعالج مساعداتنا مشكلة كل شخص في حاجة إليها. فمع وجود هذا العدد الكبير من الناس تحت خط الفقر وعتبة البقاء على قيد الحياة، نقوم بالتعاون مع شركائنا لتحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية على حدّ سواء، بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية لهم، بحيث يمكن للأشخاص المعرّضين لخطر العوز والفقر المدقع - رجالاً ونساء وأطفالاً - أن يعيشوا في أمان وأمنٍ وكرامة، وأن يكونوا قادرين في المستقبل على تنمية إمكاناتهم البشرية والاجتماعية.
ولمنع حدوث المزيد من التدهور في الخدمات نتيجة عدم الإستقرار في لبنان، الأمر الذي سيستغرق وقتاً طويلاً لعكس مساره، ينبغي تركيز الجهود على وضع استراتيجيّة متوسطة الأجل لمعالجة المشاكل الهيكليّة، وتخفيف الآثار السلبية المباشرة للأزمات المستمرة التي تطال المحتاجين، أيّاً كانوا.
نحن مستمرون في دعم لبنان، في مجال التعامل مع أزمة اللاجئين بطريقة موجّهة تسهم في إيجاد حل طويل الأمد ومستدام وعادل لأوضاعهم خارج لبنان، مع دعم إقامتهم فيه بكرامة وأمان. ونحن نعلم من خلال تجربتنا، أنه كلما طال أمد الأزمة، كلما ارتفعت نسبة نقاط الضعف وانتشر الوهن بين المجتمعات المتضرّرة. ونعلم أيضاً أن الاستجابات يمكن أن تكون إنسانية عندما ترتبط بخطط التنمية في البلد المضيف. ومع وجود أكثر من نصف اللبنانيين الذين يعيشون في فقر وعَوَز، مع نسبة معدلات أعلى بين مجتمعات اللاجئين، فإننا نعلم مدى أهمية دعم كل الجماعات المحتاجة من أجل ضمان عدم تخلّف أحد عن الركب.
في المقابل، تؤكد الأمم المتحدة من جديد التزامها جنباً إلى جنب مع أصحاب المصلحة الوطنيين والدوليين، دعم حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية في المستقبل، باعتبارهما حاسمين في التدخلات المتعلّقة بالاستجابة الإنسانية والتنمية والقدرة على الصمود. لذلك، يجب أن نواصل التصدي للتحدي المتمثل في عدم ترك أي شخص فقير، في أي بقعة او مكان، وينبغي تالياً أن نفعل كل ما في وسعنا لاتخاذ إجراءات ملموسة وحاسمة في هذا الشأن.
وفي هذا الصدد، يكرّس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأمم المتحدة المعنية بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وهيئة إعادة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، هذا العدد الخاص من ملحق أخبار بناء السلام، لكل فرد في لبنان - بغض النظر عن العِرق والجنس والجغرافيا والإحتياجات أو أي وضع آخر- كما ينبغي حماية حقوقهم والإستماع إلى مشاكلهم وتقييم احتياجاتهم، والقيام بمعالجتها في أسرع وقت ممكن.