يجب الاّ يمرّ انفجار المرفأ في 4 آب 2020 مرور الكرام، والتساهل حياله، ومحاولة التأثير على وسائل الاعلام وترهيبها عبر اتهامها بالتضخيم وإثارة الرأي العام. في كل مرة، يحاول السياسيّون أن يرموا أثقال خطاياهم واهمالهم وتواطئهم على الاعلام. وهم على العادة نفسها، يطلبون الخدمة الإعلامية، ويتواطأون مع اعلاميين، لكنهم إذا لم يحققوا النتيجة المرجوة، أو استاء منهم رؤساء كتلهم وأحزابهم وأولياء نعمتهم، إنقلبوا على الإعلام، متهمين إيّاه بالتحريف وعدم الدقة.
مع الانفجار الكبير، الذي لم يمرّ وقت كاف للتخفيف من وطأته على الناس، نفسياً وجسدياً ومادياً، حاول السياسيّون التنصل من المسؤولية، وحتى اليوم لم تحدد التحقيقات المسؤولية الفعليّة، ما حدا بالمسؤولين إلى التمني على الاعلام عدم الإثارة، كأن المؤسسات الاعلامية هي التي قتلت 200 انسان بريء، وجرحت 6000 آخرين، وشرّدت نحو 300 ألف من مساكنهم، وخرّبت 70 ألف وحدة سكنية، ودمّرت مؤسسات اقتصادية، وتسبّبت بالأذى المعنوي لنصف الشعب اللبناني. نسي هؤلاء أن الاعلام العالمي نقل المشاهد الحيّة من بيروت، وتناسى هؤلاء أن السلطة هللت للانفجار لأنها اعتبرت أنه ساهم في فك العزلة عن لبنان، ولا يعترف هؤلاء أن الاعلام ساهم في توفير المساعدات للبنان.
الإعلام اللبناني نقل وجع الناس، هؤلاء الذين هم أهله وجيرانه واقاربه، هؤلاء الذين لا صوت لهم، ولا يصغي أحد اليهم، لولا الضغط الاعلامي، فهل تريد السلطة قمع الناس ومنعهم من البكاء والصريخ؟ هل تمنع والدة أن تبكي وحيدها؟.
ليس الاعلام الذي تسبّب بالمصيبة، لكنه قام بواجبه الأخلاقي والضميري.. والأهم المهني. فشكراً للاعلاميين الزملاء.