لا توجد كلمات تصف المأساة الرهيبة التي أصابت بيروت في 4 آب.
إنّ مشاهد الدمار في أعقاب الإنفجار، أعادت إلى أذهان الناس الذكريات التي لا تزال حيّة للحرب الأهلية مع تفكّك الأسر، وفقدان المنازل والأعمال، والخوف على المستقبل. ومع اقترانها بأسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد وجائحة كوفيد-19 التي يبدو أنها خرجت عن نطاق السيطرة، بدت التوّقعات قاتمة بالفعل بالنسبة إلى البلاد.
ومع ذلك، كشفت المأساة عن العديد من الأصدقاء الذين يمكن للبنان أن يعوّل عليهم؛ أصدقاء بمن فيهم المتطوّعون الذين توافدوا من مختلف أنحاء البلاد إلى العاصمة الجريحة لمساعدة الضحايا، والمغتربون اللبنانيّون الذين حشدوا الدعم عبر الإنترنت، والحكومات الأجنبية التي أرسلت المساعدات بأيّ طريقة ممكنة، حتّى في حين كان مرفأ بيروت لا يزال يكافح من أجل التعافي.
وقال وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس، أنّ ألمانيا "لن تترك سكّان بيروت في هذه المحنة"، متعهّداً بتقديم 20 مليون يورو إضافية في شكل مساعدات إنسانيّة وصناديق للتعاون الإنمائي.
وفي مواجهة كارثة بهذا الحجم، تتمثّل الأولويّات الأكثر إلحاحاً في توفير الحاجات الأساسيّة مثل الإمدادات الطبيّة والغذاء والمأوى لجميع المنكوبين، قبل استعادة ثقتهم في مستقبلٍ أفضل من خلال إيجاد سبل العيش، وتعزيز الإدماج الإقتصادي الأفضل، ومعالجة الجروح النفسيّة.
وفي مثل هذه الأوقات من عدم اليقين المتزايد، فإنّ خطراً آخر أكثر ضرراً يهدّد حياة الناس ورفاهيّتهم: الأخبار المزيّفة التي تنشر الذعر وتغذّي العنف. ومن بين الطرق التي تكاتفنا بها مع العديد من أصدقاء لبنان، المساعدة في مكافحة "وباء المعلومات المضلّلة" هذا. ويقوم البنك الألماني للتنمية (KfW)، من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بتمويل دورات تدريبيّة لمحرّري ومراسلي الوكالة الوطنية للإعلام على مكافحة الأخبار المزيّفة. وباستخدام أدواتهم ومعارفهم المكتسبة حديثاً، بدأ صحافيّو الوكالة الوطنية للإعلام بتشغيل موقع إلكتروني مخصّص لإكتشاف وفضح الأخبار المزيّفة التي تتمحور حول صحّة الناس.
ومع استمرار تتابع الأحداث وتحريفها، تعدّ المساحات الإعلاميّة الآمنة والإيجابيّة أمراً حيويّاً لتعزيز الحوار البنّاء والحدّ من عدم المساواة. إنّ ملحق "بناء السلام في لبنان" الذي تقرأونه هو واحدٌ من هذه المساحات. يصدر الملحق بتمويل من ألمانيا من خلال البنك الألماني للتنمية (KfW)، ومن خلال الرؤية المشتركة لبناء السلام التي يشارك فيها الصحافيّون والناشطون والباحثون والفنّانون في لبنان.
وبينما لا يزال من الممكن سماع الأصوات الداعية للسلام، فإنّ الفاعلين من أجل التغيير الإيجابي ما زال في إمكانهم كتابة مستقبل مشرق للبنان، بوقوفهم متّحدين وفقاً لكلمات النشيد الوطني اللبناني الأولى، كما أظهروا من خلال أدائهم الجيّد في أعقاب الإنفجار: "كلّنا للوطن".