قصص سورية في الواقع اللبناني

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 كانون الأول 18 5 دقائق للقراءة
قصص سورية في الواقع اللبناني
رغم الظروف الصعبة التي وجد الناشطون والفنانون السوريون أنفسهم ضمنها في لبنان منذ اندلاع الحرب السورية، تمكنوا خلال السنوات الماضية من تحقيق انجازات لا تحصى، إن كان ذلك على المستوى الفردي/المهني المتعلق بمجال تخصصهم، أو على المستوى العام المتفاعل مع الأزمات الإجتماعية المحيطة بهم. نقدم هنا أربعة نماذج لأفراد، يُخبر كل واحد منهم جزءاً من سيرته منذ انتقاله إلى لبنان حتى اليوم، يضيء فيها على التطورات التي مرت بها تجربته وكيفيّة تأقلمه مع الصعاب التي تواجه السوريين بشكل عام في لبنان.
أويس مخللاتي
 


فعلياً لم يصبح أويس مخللاتي «ممثلاً تلفزيونياً» إلاّ بعد أشهر قليلة من مغادرته دمشق واستقراره في بيروت، حيث أتت تجربته في «الهيبة» لتجعله أحد الأسماء البارزة في مجال المسلسلات التلفزيونية. لكن أويس في الأصل ممثل مسرحي بارع، حتى لو أخذ التلفزيون اليوم أكثر وقته، فقد قدم خلال دراسته (المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق) مجموعة كبيرة من الأعمال على المسرح القومي مع فنانين مثل فايز قزق وأيمن زيدان وآخرين، وقد شارك في عملين مسرحيين في بيروت ( «فوق الصفر» لأسامة حلال و«تيكيكارديا» لجميل أرشيد).
لم يكن أويس غريباً عن بيروت في السابق، فقد زارها عشرات المرات قبل الحرب، بهدف السياحة أو مشاهدة المهرجانات الثقافية والمسرحية، وهو يعيش اليوم فترته الذهبية فيها. يقول لـ«ملحق بناء السلام»: الحب الذي أتلقاه من الجمهور اللبناني يعطيني الطاقة والقوة للإستمرار، ويشكل مسؤولية كبيرة يجب أن أعيدها له. أتفهّم الصعوبات الموجودة في لبنان التي يعاني منها الممثل السوري، فالبلد لا يزال غارقاً في الأزمات، والحرب الأهلية لم تنته سوى منذ وقت قصير ويمكن أن تعود في أي لحظة.
شارك أويس في مسلسلات مثل العرّاب، خماسيّات الغرام (حاتم علي) حلاوة روح (شوقي الماجري)، وعملين سينمائية هي «مورين» (طوني فرج الله) و«يوم أضعت ظلي» (سؤدد كنعان).
 
 
سالي شرف
 
 
اضطرت سالي إلى ترك جامعتها في دمشق عندما كانت لا تزال في السنة الرابعة (هندسة معمارية)، حيث لجأت إلى لبنان هرباً من الإضطرابات الأمنية التي واجهت عائلتها في أواخر العام 2011. عاشت في زحلة، في مكان غير بعيد من مخيمات اللاجئين السوريين، حيث شهدت على موت عدد منهم بسبب البرد والظروف المعيشيّة الصعبة، ما دفعها إلى إنشاء عدد من المبادرات الفردية للمساعدة، قبل انتظامها ضمن فريق ملهم التطوعي الناشط في بلدان اللجوء السوري، والذي تحوّل لاحقاً إلى منظمة معترف بها دولياً ومركزها فرنسا وتركيا.
تنوّع عمل سالي خلال السنوات الماضية، بين تأمين الكفالات الطبية لعائلات اللاجئين، وتمكين النساء والأرامل علمياً ومهنياً، وتعليم اللاجئين وإدارة دار الأيتام وتطوير عمله، بالإضافة إلى مساعدة الأطفال ذوي الحالات الخاصة على تخطي الصدمات والأزمات النفسية. كما تعمل شرف حالياً كمنسقة مشاريع في جمعية «دار السلام House of Peace» الذي يهدف إلى تعزيز العلاقات بين اللبنانيين والسوريين وتغيير الإنطباعات والصور النمطية التي يملكها هؤلاء عن بعضهم البعض. كما أنهت في الفترة الأخيرة دراستها في جامعة AUL، في اختصاص الهندسة الداخلية.
تقول شرف: «قبل مجيئي إلى لبنان كنت أملك كل شيء. لم أكن آبه لمشاكل غيري، أو لما يحصل خارج الدائرة الصغيرة التي كنت أعيش ضمنها في الشام. لكن عندما خسرت كل شيء، تعلمت تقدير الأشياء بشكل جديد، وفهمت أن عدداً كبيراً من الأشخاص لا يملكون الفرص الكثيرة التي كانت متاحة لي، ولا حتى فرصة العيش بكرامة». وتضيف: «عندما رأيت أبناء بلدي يموتون يومياً أمام عيوني في مخيمات البقاع وبيروت، لم أعد قادرة على التحمل. فهمت أن أي شخص منا، قادر بفعل بسيط على تغيير حياة الكثيرين، وبأن عدداً كبيراً من الناس ينتظرون فرصة صغيرة للنجاة بأنفسهم».
 
 
سؤدد كعدان
 


لدى كعدان علاقة وثيقة بلبنان تسبق الحرب السورية. فقد درست الإخراج السينمائي في الجامعة اليسوعية (2004-2007)، وعملت على مشاريع فنية مع سوريين ولبنانيين لفترة طويلة. فاز فيلمها الأخير «يوم أضعت ظلّي» بعدد من الجوائز العالمية، وكانت قد أخرجت فيلمين وثائقيين خلال السنوات السابقة.
بعد انتقالها نهائياً إلى بيروت في العام 2012، قررت كنعان افتتاح شركة إنتاج خاصة بها تحمل إسم «كاف للإنتاج». تقول كعدان: «صوّرت عدداً من المشاريع في لبنان تتمحور حول سوريا، وقد تعرفت بفضلها على عدد كبير من المناطق اللبنانية التي تحمل قواسم مشتركة كثيرة مع سوريا، مثل عكار، البقاع، الهرمل، طرابلس، وعدد من الأحياء البيروتية.  عندما شاهد أصدقائي اللبنانيون بعضاً من أفلامي، فوجئت بأنهم لا يعرفون كثيراً المناطق التي صوّرت فيها، رغم أنها ساحرة وفي غاية الجمال، وقد فهمت أنهم ببساطة يخافون الذهاب إليها!».
رغم المشاكل التي يعاني منها الفنان السوري في حال قرر إنجاز أفلامه في لبنان بميزانية متواضعة، والتمييز الذي من الممكن أن يتعرّض له في السوق بشكل عام، إلاّ أن كعدان استطاعت الإنطلاق من لبنان وإنجاز مشاريع إبداعية كثيرة، مهّدت إلى تحوّلها فنانة عالمية. تضيف: «سمحت لي الإمكانات الثقافية وهامش الحريات المتاح في لبنان، الذي من غير الممكن إيجاده في بلدان عربية أخرى، بإغناء تجربتي والتعرف على عدد كبير من الفاعلين في المجالين الثقافي والفني، الذين ساعدوني على تطوير عملي وإنضاجه».
 
 
شادي مقرش
 
 
عمل في مجال المسرح منذ العام 1996. بعد تخرّجه من المعهد العالي للفنون المسرحية في العام 2004، انتقل إلى العمل في عدد من المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية، قبل أن يعود مجدداً إلى المسرح عند انتقاله لاجئاً إلى لبنان في العام 2014، وقد بلغ عدد العروض التي عمل عليها حتى اليوم أكثر من 35 عرضاً.
وظف مقرش تجربته المسرحية الطويلة، في مشروع مسرحي تفاعلي بعنوان «خيالي دائماً أكبر» (2018)، وهدف إلى تطوير مهارات مدربين وممثلين مسرحيين من أجل مساعدة أطفال لبنانيين وسوريين على تجاوز عوائق التواصل، وذلك من خلال الألعاب التقليدية البسيطة والحكايات الشعبية. وقد انتهى المشروع بعروض مسرحية تفاعليّة ضمت أكثر من 150 طفلاً في مدارس بيروت والبقاع. ويطمح شادي اليوم إلى توسيع المشروع ليضم أعضاء أسر بأكملها، وعدم إقتصار الأمر على الأطفال فقط.
يقول مقرش في حديث لـ«ملحق بناء السلام في لبنان»: «أعرف جيداً رواسب الذكريات المشتركة التي يحملها اللبنانيون عن السوريين، وما عزّزته الفترة الماضية من صور نمطية وأفكار سلبية متبادلة بين  الشعبين، إلاّ أنني أحاول النظر قدر الإمكان، بشكل موضوعي، إلى الأزمة التي نمر بها، علّنا نضيء شمعة في الظلام، حتى لو كان ذلك من خلال إشراك أطفال لبنانيين وسوريين في إنقاذ أميرة من فمّ التنين».
A+
A-
share
أنظر أيضا
01 كانون الأول 2018
01 كانون الأول 2018
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
10 كانون الأول 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
10 كانون الأول 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد