لقد بدّد لبنان سنتين كاملتين في البحث عن رئيس للجمهورية. وبالرغم من إجراء الانتخابات البرلمانية في أيار الماضي في ظل قانون انتخابي شائب، لا تزال الطبقة السياسية غير قادرة على تشكيل حكومة. وحتى لو رأت حكومة ما النور، فإن هيكلها القائم على توافق دائم سيجعلها مؤسسة مشلولة وعاجزة عن اتخاذ أي قرار.
كما ضيّع البلد الفرصة في الإدارة الفعّالة للنفايات المنزلية، فمنذ اندلاع الأزمة قبل عامين، لم يتم اتخاذ أي قرار ذي مصداقية بسبب تضارب المصالح. ويستند الحل الأسهل الوحيد المقترَح إلى مكبّات النفايات التي يتم التفاوض بضراوة بشأن توطينها مع زعماء المجتمعات المحلية.
كما تمّ اعتماد الحل الأكثر سهولة في ما يتعلق بانقطاع الكهرباء. بعد ما يقارب الثلاثين عاماً على انتهاء الحرب، لا يزال يتم تقنين الكهرباء على نطاق واسع ولم يتم اتخاذ قرار بشأن تركيب محطات جديدة أو حتى النظر في حلول أفضل كاستغلال الطاقة المتجدّدة (الطاقة الهيدروليكية أو الشمسية أو توربينات الرياح). وأخيراً، تمّ فرض حلّ جزئي ومنقوص يتمثّل باستئجار البواخر العالية التلويث لإنتاج الكهرباء، من دون إيجاد حلّ للمشكلة الأساسية.
وامتد عدم مبالاة السلطات العامة لتشمل مسألة اللاجئين السوريين. فبدلاً من تحديد أعداد اللاجئين بوضوح وإيوائهم على نحو ملائم في مخيمات محدّدة جغرافياً، فقد فضلّت التعاقد من الباطن مع المنظمات غير الحكومية ووكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة. وفي الوقت نفسه، ازداد الروتين الحكومي في ما يخصّ المستثمرين وغيرهم من السوريين الأثرياء الذين فضّلوا نقل أموالهم إلى بلدان أخرى.
وباختصار، من خلال الفرص الضائعة باستسهال الحلول المنقوصة والكسل المعمّم، تُظهر الطبقة السياسية اللبنانية درجة عالية من عدم النضج تدعو اللبنانيين إلى التساؤل اليوم عما إذا كان من غير اللائق الاستمرار سنة بعد سنة بالاحتفال آلياً باستقلال بلدهم.