إنّ القول بأنّ لبنان يعاني قصوراً شديداً في تعامله مع عدد كبير من الأزمات الأخيرة، لا يفي الموضوع حقّه. غير أنّ الطريقة المروّعة التي تعامل بها البلد مع جائحة كوفيد-19 المتفشّية قد سلّطت الضوء على الإفتقار التامّ للإستعداد والقدرة اللازمين للسيطرة على انتشار جائحة كوفيد-19.
وكانت هذه الإخفاقات حادّة بشكلٍ خاص في جبل لبنان، حيث كشفت جائحة كوفيد-19 عن أوجه قصور جسيمة في خدمات الرعاية الصحية، في وقت تشتدّ فيه الحاجة إليها.
على الرغم من أنّ نظام الرعاية الصحيّة في مختلف أنحاء البلاد منهك، حيث يعاني العاملون الطبيّون والأطباء من إرهاق يفوق القدرة البشرية على التحمّل، والمستشفيات بلغت قدرتها الإستيعابيّة، فإنّ الوضع في جبل لبنان كان أكثر توتّراً. إذ كانت الحالات أكثر انتشاراً في المحافظة التي هي في أمسّ الحاجة إلى المزيد من مرافق الرعاية الصحيّة وتنسيق أكبر مع البلديات لمواجهة أزمة بهذا الحجم.
وفي موازاة ذلك، يتعيّن على السلطات في جبل لبنان تكثيف تنفيذ تدابير التباعد الاجتماعي. ويجب منع التجمّعات كافّة قبل أن تتاح لها فرصة التسبّب في ضرر، ويجب إلغاء الرحلات غير الضرورية.
لقد أثبت فيروس كورونا أنّه تهديد هائل، لكن السبيل الوحيد للتغّلب عليه هو أن يظهر كل لبنان الثبات والفعاليّة نفسهما في المعركة ضدّه، لذا فإنّ قطاع الرعاية الصحيّة في جبل لبنان بحاجة إلى تحسين إستراتيجيّته وزيادة قدراته إلى المستوى نفسه لبقيّة البلدان.
علاوةً على ذلك، فإنّ الأهمية المطلقة لحملة التطعيم، التي بدأها لبنان للتوّ، لا بدّ من أن تلقى قبولاً لدى جميع السكان، الذين يتعيّن عليهم أن يفهموا أنّ اكتساب مناعة القطيع من خلال التلقيح يشكّل الوسيلة الوحيدة لعودة الحياة إلى طبيعتها، وحماية أنفسهم وأحبائهم من العدوى، واحتمال الموت.
وأخيراً، لا يميّز فيروس كورونا بين المواطن اللبناني ومن هم ضيوف في لبنان، وحكومتنا ملزمة بالحفاظ على صحّة كلّ من يقيم في البلاد. لذا يجب توفير الرعاية الطبيّة لجميع المقيمين، سواء كانوا لبنانيين أو سوريين أو فلسطينيين أو من أيّ جنسيّة أخرى من دون تمييز، وتوفير أيضاً جهود التطعيم إذا أريد لها أن تكون فعّالة.