المجتمعات اللبنانية المضيفة تئنّ من ثقل عبء النزوح السوري كافالييري: نداء التمويل الأخير يلحظ دعم أكثر من مليون لبناني

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 حزيران 13 5 دقائق للقراءة
المجتمعات اللبنانية المضيفة تئنّ من ثقل عبء النزوح السوري كافالييري: نداء التمويل الأخير يلحظ دعم أكثر من مليون لبناني
11 % من عدد النازحين يقيمون في خيم منصوبة في العراء UNHCR ©
لا تقتصر المعاناة في لبنان على النازحين السوريين وحدهم، بعدما دفع الاقتتال المستمر في سوريا أكثر من نصف مليون شخص للنزوح الى لبنان، وفق الاحصاءات الأخيرة الصادرة عن مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت.

منذ اللحظة الأولى، لم تتردّد عائلات لبنانية كثيرة في تشريع أبوابها أمام الباحثين عن أمان خارج حدودهم، لا سيّما في منطقتي وادي خالد والبقاع. لكنّ المجتمعات المضيفة ومناطقها، تعاني من أوضاع اجتماعية واقتصاديّة مترديّة ومن سوء البنية التحتيّة والخدمات الأساسيّة. وليس من المبالغ القول انّ أزمة النزوح المتفاقمة ساهمت ولا تزال في جعل أوضاعها أكثر سوءاً، على إيقاع أزمة المعابر الحدوديّة والمشهد الأمنيّ المضطرب محليّاً.

 ومع ارتفاع عدد النازحين الوافدين الى لبنان، تتكرّر تحذيرات المسؤولين الرسميين من تداعيات الوضع القائم على لبنان، حيث أعلن رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان، بداية الشهر الجاري، أن لبنان لم يعد قادراً على تحمّل تداعيات تدفّق النازحين، داعياً الدول العربية والمجتمع الدولي الى تقاسم الأعباء والأعداد.

هذا الواقع تدركه جيداً منظمات الإغاثة الدوليّة المواكبة ميدانياً لحاجات النازحين. يعرض نائب ممثلة مكتب مفوضية النازحين في لبنان، جان بول كافالييري، كيفيّة ارتفاع عدد الوافدين الى لبنان. ويقول: "بدأنا تسجيل أسماء العشرات من النازحين، بداية عام 2012 مع تدفق السوريين الى لبنان، ثم المئات شهرياً لكننا نسجّل راهناً أسماء الآلاف يومياً"، منوّهاً بالتنسيق التام مع المعنيين في الحكومة اللبنانية ومع المجالس البلديّة والاختياريّة في المناطق لإغاثة النازحين.

يفرض توزّع النازحين على 1400 نقطة في لبنان، بعد توسّع انتشارهم من عكار الى البقاع، فالجنوب ثم الى بيروت وكل الأراضي اللبنانيّة، تحديّات انسانيّة ولوجستيّة كبرى، تواجهها الحكومة اللبنانيّة والمجتمعات المضيفة ومنظّمات الإغاثة في آنٍ واحد. يقول كافالييري في هذا السياق، إن "عائلات لبنانيّة مضيفة، ورغم إمكاناتها المتواضعة، لا تزال تستقبل عدداً كبيراً من النازحين"، ملاحظاً أن "العدد الأكبر من السوريين موجود في المناطق اللبنانيّة الأكثر حرماناً من الناحية الاقتصاديّة، وتحديداً في وادي خالد وعكار والبقاع".

 وتشير تقديرات مفوضية اللاجئين الى أن عدد النازحين، مع استمرار الأزمة السورية، مرشّح لأن يبلغ المليون خلال الأشهر الستة المقبلة، أي ما يعادل 25% من عدد سكان لبنان. الرقم بالتأكيد يتجاوز بكثير إمكانات الدولة ومنظمات الإغاثة، ما لم تتجاوب الجهات والدول المانحة مع نداء خامس أطلقته الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة وشركائها للحصول على تمويل بقيمة 1,7 مليار دولار أميركي من أجل استكمال تنفيذ "خطة الاستجابة الإقليميّة للتصدي لحاجات النازحين السوريين" حتى نهاية السنة الجارية.

الجديد في النداء الأخير، الذي أطلق في الثامن من شهر حزيران، هو لحظ وجوب تمكين المجتمعات المضيفة والمناطق المتأثرة من جرّاء أزمة اللجوء. يوضح كافالييري أنّ أهميّة النداء الأخير انه "لا يصدر بشكل منفرد عن الحكومة اللبنانيّة أو الأمم المتحدة، بل هو نداء مشترك بالتعاون مع منظمات الإغاثة، يوجّه بعد درس حاجات النازحين والمجتمعات اللبنانية المضيفة في آن واحد". وتتضمّن خطة الاستجابة وفق كافالييري، التصدي لحاجات 1,2 مليون لبناني من سكان المجتمعات المضيفة المحلية المتأثّرة بشدة من جرّاء تدفق النازحين من سوريا.

لا ينكر المسؤول في مفوضيّة اللاجئين أنّ ثمّة حالة من القلق تسود في المجتمعات اللبنانية المضيفة: "ثمّة قلق من الحاضر ومن المستقبل وكيف ستنتهي الأمور. نتوقع مليون نازح في نهاية السنة الجارية، والأرقام بحدّ ذاتها مخيفة".

 ويسهب كافالييري في الحديث عن حسن ضيافة كبيرة أظهرها اللبنانيّون، لكنه يتحدّث من جهة أخرى عن حالة من القلق والتشنّج، خصوصاً في المناطق المحرومة، مع ارتفاع عدد الوافدين تدريجاً، مذكّراً بأنّ نحو 40 ألف سوري أي ما يشكّل 11% من عدد النازحين يقيمون في خيم منصوبة في العراء. وهؤلاء يحتاجون الى تقاسم الماء والكهرباء مع المجتمعات المضيفة، ويشكلون عامل ضغط على المدارس والمستشفيات وإدارة النظافة، على حد تعبير كافالييري.

مما لا شكّ فيه، أن لا حلولاً سحرية جاهزة وكفيلة بأن تخفّف من عبء النازحين السوريين. يقول كافالييري: "ثمّة مزيج من حلول عدة موجودة في النداء الخامس، وتهدف الى تخفيف الضغط الاجتماعي والاقتصادي عن المجتمعات المضيفة، قدر الإمكان"، مشيراً الى "مشاريع دعم وتمكين وتنمية وتحسين البنى التحتية تستهدف مباشرة المجتمعات اللبنانيّة المحليّة، سبق أن باشرت منظمات الإغاثة تنفيذها، لكن يُتوقّع بعد زيادة التمويل أن تظهر نتائجها بطريقة أكبر وأكثر شجاعة".

ومن شأن استجابة الجهات المانحة للنداء أن تسهم في إحراز تقدّم نوعي على المدى المتوسط، على مستويات عدّة، خصوصاً لناحية "استهداف المجتمعات المضيفة بما يضمن ترسيخ الاستقرار الأمني وعدم تراكم التشنج، من خلال اصلاح المدارس وتوفير خزّانات المياه ومساعدة البلديات في تأهيل شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والطرق وتوفير الخدمات الأساسيّة"، بحسب كافالييري.

في موازاة ذلك، وفي إطار تخفيف العبء عن المجتمعات المحليّة، تبدو الحاجة ماسّة اليوم، كما يوضح كافالييري، إلى "ترخيص إقامة مراكز أو مخيمات عبور (ترانزيت) مؤقتة مع وجود نحو 40 ألف نازح في مخيمات أقيمت بشكل تلقائي غير مخطّط". ويقول إن الأخيرة بوضعها الحالي "تشكل خطراً على النظام البيئي وعلى الذوق العام، عدا عن امكان انتشار الأمراض فيها بسبب اختلال الشروط الصحيّة وإدارة النفايات والنظافة، وربّما تسبّب ذلك في موت أطفال ونازحين مع استمرار الشتاء والثلوج أيّاماً عدة، كما حصل خلال الشتاء الفائت، بعدما اخترقت السيول والأمطار الخيم". ويؤكّد "وجوب التحرّك باكراً قبل بداية الشتاء، من خلال نقل الأشخاص ذاتهم الى مخيمات بديلة، مجهّزة ومؤقّتة، بعيداً من الفوضى القائمة راهناً".

لا ينكر كافالييري أن "الترخيص لمخيم أو اثنين، يستوفي الشروط والمعايير، يحتاج الى قرار رسمي من الحكومة اللبنانيّة انطلاقاً من إرادة سياسيّة جامعة"، لكنّه يشدّد على أن "هذه الخطوة باتت ضروريّة لإنتشال النازحين من الوضع اليائس الذي يتخبّطون فيه ونقلهم الى مكان آمن"، على أن تقود المفوضية والمنظمات الشريكة بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية إدارة هذه المخيمات، بما يكفل "تفادي الوصول الى مواقف كارثيّة"، على حدّ تعبيره.

ويأمل المسؤول الدولي في أن تعمّم على المجتمع الدولي، مبادرة باشرت ألمانيا تنفيذها لتخفيف العبء عن لبنان، وتقضي بنقل الحالات الإنسانيّة الأكثر إلحاحاً إلى أراضيها ومنحها إقامة مؤقتة. ويصف كافالييري هذا المشروع بـ"الريادي"، علماً أن الحالات المستفيدة منه حتى الآن لا تزال قليلة، لكنّه يضيف: "يجب المتابعة ورفع العدد تدريجاً في المرحلة المقبلة".

"لا بدّ من مساعدة لبنان، هذا البلد الصغير، الذي قدّم الكثير للنازحين السوريين ويعيش قلقاً من جرّاء الحوادث قرب حدوده واستمرار تدفّق هؤلاء"، عبارات يختم بها كافالييري حديثه، مؤكداً أن "لبنان والمجتمعات المضيفة فيه قدمت نموذجاً يجب أن يُلهم دول المنطقة والعالم أجمع".

A+
A-
share
حزيران 2013
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
10 كانون الأول 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
10 كانون الأول 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد