بيروت بيتي وأهلي

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 حزيران 16 0 دقائق للقراءة
بيروت بيتي وأهلي
في كل صباح، أقف على نافذتي أنظر إلى المكان حولي، يتبادر في ذهني سؤال كنت أحاول الهرب منه دائماً: هل من الممكن أن أكون قد فقدت حسي الوطني؟
أفكر بمرور ثلاث سنوات من متابعة أخبار الثورة والشهداء والتفجيرات والبلدان المتآمرة والمستفيدة، فأشعر باختناق... ما هي الوطنية أصلاً؟!
منذ عامين توقفت فجأة عن سماع كل الأخبار، وبدأ السؤال يتكرر في ذهني: هل من الممكن أنه لم يعد يعنيني ما يحدث؟! هل من الممكن أنه لم تعد تعنيني كل تلك الصور التي أوردتها وكالات الأنباء؟!
هل من الممكن أني فقدت تعلّقي ببلدي؟! فأنا لم أعد أشتاق، وأريد فقط أن أحافظ على «كمشة» من الذكريات الجميلة التي كنت أعيشها هناك خوفاً من أن تحلّ محلّها صور الدمار والخراب.
إسمي رايا، عمري 26 سنة، أتيت إلى بيروت منذ سنتين...
تجربتي في هذا المكان بعيدة عن تجارب الكثيرين مما يجعلني أشعر بأن بيروت هي بيتي. حالفني الحظ فلم أتعب كثيراً في البحث عن عمل، وبدأت به بعد 15 يوماً من وصولي، ولا أزال مستمرة فيه حتى الآن، أغلب من يعرفني في هذا المكان يعرف أنني السورية التي تتكلم اللهجة اللبنانية، مما يجعل بعض الأشخاص لا يصدّقون أنني سورية لأن لهجتي أصبحت لبنانية حقيقية، وهناك أشخاص يستغربون ويبدأون بلومي لأنني تنازلت عن لهجتي الأم (اللهجة السورية)، فأبرّر لهم أحياناً، وأغلب الأحيان لا.
في هذا المكان صادفت الكثير من الأشخاص أغلبهم أصبحوا أصدقاء مقربين جداً لي لدرجة أنني أشعر بأنهم أقرب ممّن كانوا حولي في بلدي، وهذا ما يشعرني ببعض الأمان. فهذا أول عمل أستمر فيه لمدة سنتين تقريباً منذ 6 سنوات وحتى الآن، حيث أني لم أستمر بعمل غيره أكثر من بضعة أشهر، فهنا لم يضايقني أحد، ولم أشعر بالعنصرية أو الفوقية أو الطائفية.
أحياناً كثيرة أبرّر لأشخاص يعبّرون عن انزعاجهم من كثافة الوجود السوري في لبنان، فلا أستطيع أن ألوم بلداً عدد سكانه أربعة ملايين نسمة احتضن مليوني سوري، وأنتقد الأشخاص الذين يقارنون بين ما يجري الآن في سوريا وبين ما جرى في لبنان أيام الحرب ولجوء بعض اللبنانيين إلى سوريا. وببعض الفكاهة أرمي نكتة وأقول: لو خرج كل اللبنانيين فرداً فرداً إلى سوريا لن يُزعجوا السوريين نسبة لكبر مساحة سوريا بالمقارنة مع مساحة لبنان (يعني ما كنا منحسّ فيهن). لكن الفرق بين سوريا ولبنان أن بلدي يعطي دائماً أفضلية للأجانب، فالأجنبي يعمل بضعف معاش السوري هناك إن كان لبنانياً أو من أي جنسية أخرى.
ما أريد قوله أخيراً أن المشكلة ليست فينا كشعوب، ولا بمصطلح سوري ولبناني، فهذا ما علّمونا إياه وما زرعوه فينا، هم من يحكمون عملنا ورواتبنا وسبل حياتنا، وهم من يتيحون لنا الفرص أو يعطونها لغيرنا ليخلقوا الطبقية والعنصرية والكره بين الجنسيات والطوائف.
فما توصلت إليه هو نتيجة واحدة: أنني أعيش أجمل أيامي منذ سنتين في هذا المكان، وأقمت أجمل وألطف علاقات في حياتي، عملت وتعبت هنا، وهنا أصبح بلدي الثاني، فالبلد عطاء وحب وصدق ومعاملة، وليس قطعة أرض نتعارك لامتلاكها.
ختاماً أقول: هنا في بيروت... بيتي وأهلي.
A+
A-
share
حزيران 2016
أنظر أيضا
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
10 كانون الأول 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
10 كانون الأول 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد