وأزمة اللجوء السوري تقع ضمن التحديات التي سيضعِف تأثيرها لبنان، بلا شك، في حال ترِكت من دون حلّ، وذلك لأسباب عدّة.
وبالتأكيد فإن بنية لبنان التحتية المتهالكة أصلًا تتحمل عبء تدفق اللاجئين؛ ويساوي الـ 1,1 مليون لاجئ سوري المسجلون، وما لا يقل عن 400,000 شخص آخرين، اليوم أكثر من ثلث سكان البلاد اللبنانيين الذين يبلغون حوالى 4 ملايين نسمة. هذا الأمر يفرض ضرائب ثقيلة على موارد لبنان الشحيحة، والتي حتى قبل وصول اللاجئين، كانت تكافح نتيجة إمدادات الكهرباء والمياه غير الكافية.
ولكي نستوعب حقيقة تأثير الأزمة على هذا البلد الشرق أوسطي الصغير، ونضع الأمور في نصابها، يجب أن نتذكر أنه في حين يتصارع كل من الأردن وتركيا مع مسألة اللجوء، فإن الأول أكبر من لبنان بحوالي ثمان مرات فيما الثاني أكبر منه بـ 24 مرة.
في الواقع، إن وصول لاجئين إلى أوروبا يساوون في العدد أولئك الموجودين في لبنان قد قلب القارة بأكملها رأساً على عقب، مسبّباً التوترات بين الدول الأعضاء، وحتى معرّضاً للخطر سياسة «الشنغن» العزيزة على قلوبها. وتجدر الإشارة إلى أن عدد سكان هذه القارة يبلغ نحو ثلاثة أرباع مليار نسمة مع بنية تحتية متماثلة.
أيضاً، وبخلاف الأردن وتركيا، اللذين يتمتعان بتركيبة سكانية موحّدة نسبياً، فإن التوازن الطائفي اللبناني الهشّ، والذي عمل البلد جاهدًا للحفاظ عليه من أجل صون استقراره، هو عرضة للخطر.
أضف إلى ذلك أن الأزمة السورية قد عاثت فسادًا في المشهد السياسي اللبناني، مما سبب تسريع حالات أكبر من الاختلاف في البلد، وأدى إلى تفاقم التوترات بين المعسكريْن المتنافسيْن كما بين مؤيديهما.
من المؤكد أن لبنان في حاجة ماسة إلى المساعدات النقدية للاعتناء باللاجئين الذي يستضيفهم بسخاء؛ إلا أن هذا لا يتخطى كونه إجراءً مؤقتًا. ولتقديم المساعدة فعلًا، على أوروبا التوصل إلى حلٍ دائم للأزمة في سوريا، حلٍّ يسمح لهذه النفوس المهجرة بالعودة إلى ديارها سالمة.