لم تكن تجربتي كمهاجر سهلة، لكنها لا تساوي شيئاً مقارنة بملحمة الملايين من اللاجئين الذين ينتقلون سيراً على الأقدام، وعلى متن القطارات والقوارب والسيارات، تارة إلى البلدان المجاورة، ثم أخيراً إلى أوروبا، هرباً من وحشية لا نهاية لها.
الفارق هائل ما بين المهاجرين – كالسوريين الذين دمّرت الحرب حياتهم – والمهاجرين لأسباب اقتصادية، من أمثالي».
يلخص جيم يونغ كيم الوضع النفسي والاجتماعي للمهاجرين، وقد عاش اللبنانيون هذه التجربة خلال الحرب التي دامت 15 سنة. منهم من هاجر ومنهم من تهجّر، وكثيرون لم يتمكنوا من عيش التجربتين إذ لقوا حتفهم قبل ذلك، سواء تحت القذائف أم قتلوا عمداً، والأبشع أن عدداً منهم ذُبح كالخراف.
عندما نشاهد اليوم ما يعيشه سوريون من بؤس شديد نتذكر الماضي، فكلنا نزحنا من منطقة إلى أخرى، وعشنا أشكالاً من التهجير، لذا قد نكون نحن الأقدر على تحسّس آلامهم وأوجاعهم، ويجب أن نكون الأوائل في الدفاع عن حقهم في العيش والانتقال من حيث هم إلى أماكن اكثر أمناً.
صحيح أن الدول الأوروبية ليست فندقاً مجانياً لمن يتمنى اللجوء إليها، لأن معظم سكان الشرق الأوسط، والدول الأفريقية، وبعض دول أميركا اللاتينية، يطمحون إلى نيل الإقامة، ولاحقاً الجنسية، في بلد أوروبي، أو في الولايات المتحدة الأميركية، ليشعروا فعلاً أنهم بشر لهم حقوق، لا عبيد يخضعون لأهواء المتسلّطين والديكتاتوريّين والمتوارثي الحكم. لكن من واجب تلك الدول القادرة مبدئياً، والفاعلة مبدئياً، أن تساهم في توفير الحلول، سواء بوقف الحرب، أم بإيجاد أماكن آمنة للمهجّرين داخل بلدانهم، أو باستقبال اللاجئين ودعمهم لأنهم يشكلون حاجة في مجتمعات تكاد تكون هرمة، وبحاجة إلى يد عاملة فتيّة.