في المرحلة الثانية إنتقلت إلى كلية الإعلام، إلى الفرع الأول، حيث الغالبية مسلمة. هناك تابعت دراستي، ونلت الإجازة في الصحافة، وهناك كان أصدقائي الدروز والسنة والشيعة، أكثر من المسيحيين، والسبب أن لا مسيحيين سوى 6 من 300 طالب. هذه طبيعة الفرع الأول، وقد قصدته بنصيحة الأب سليم غزال الذي دعاني إلى اختبار العيش مع الآخر في ظروف مختلفة عما عرفته في الصغر، "لأن التجارب هي التي تعلّم".
هكذا درست، وبنيت صداقات، وعشت قصص حب، ومغامرات شبابية، من دون تفريق مذهبي كبير، ولا يمكن نفي بعض التمايز، وهو موجود حتى بين الأخوة في البيت الواحد، وقد كان موجوداً، وكان أحياناً يصب في مصلحتي.
المهم من تلك التجربة التي عشتها بفرح مدة أربع سنوات، أنني تأكدت من أن العيش مع الآخر ممكن، بل ومهم في نمو شخصيتنا، وفي زيادة ثقتنا بالنفس، وفي إزالة حواجز الخوف، فكنت أقصد الضاحية، والطريق الجديدة، وأزور أصدقائي في الشوف، بعدما أسقطت فكرة الخوف من الذبح التي كانت تسكنني.
والمفارقة أنني في السنة الجامعية الثانية، أقنعت زملائي بأنني أفضل من يمثلهم في الإنتخابات الطالبية، وهذا ما حصل، وفزت على مرشحين آخرين من الطائفة الشيعية ذات الأكثرية العددية في صفنا.
هذه الجامعة، التي كانت قبل الحرب مركز كل التحركات الإجتماعية، والحركات الفكرية، هذه الجامعة التي أريد بتوحيد مبانيها ان تكون ملتقى للبنانيين، يمكن أن تعود إلى لعب الدور، وأن تكون مساحة اللقاء، وبقليل من الجهود.
أتمنى لكثيرين أن يختبروا ما خبرته في حياتي الجامعية.