أما الإرهاب في لبنان فقد تبيّن، في قراءة للأرقام، أنه ليس سورياً، بل ثمة خوف كبير من أن تثبت لبنانيته، ذلك أن العدد الأكبر من الارهابيين في الداخل اللبناني هم من أبناء مجتمعنا، وقد تدربوا على أيدي «داعش» و«النصرة». والذين يتم القبض عليهم، محركين في سجن رومية وفي أمكنة أخرى ومنفذين، غالبيتهم لبنانيون، وبعضهم يلجأ إلى المخيمات الفلسطينية للتخفّي من وجه العدالة اللبنانية.
من هنا، ينبغي عدم الخلط وتعميم التهم. فصحيح أن المنظمات التكفيرية قد تستغل حاجة اللاجئين، وخصوصأ الأولاد واليافعين منهم، لتجنيدهم في أعمالها العسكرية والإرهابية، لكن الواقع أثبت أن هذه المنظمات دخلت عبر بوابات الفقر وعبر بوابات الجهل، لبنانية كانت أم غير لبنانية، وعبر ثقافة مشبوهة تتستّر بالدين لتمارس الإرهاب بأشكاله المختلفة.
أما في الجانب الاقتصادي، فتُبيّن الأرقام وجود نحو مليون و300 ألف سوري مسجّلين في مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يقابلهم نحو 500 ألف سوري غير مسجّلين ليس تهرباً من المعاملات والاحصاءات، وإنما لعدم حاجتهم إلى المساعدات التي تقدمها المفوضية ومؤسسات الإغاثة، وهؤلاء يعيشون اليوم بيننا ومعنا، ويساهمون في تحريك الاقتصاد اللبناني الذي يعاني ركوداً كبيراً بسبب عدم قدوم وافدين وسيّاح عرب إليه. كما أن السوريين يستفيدون ويفيدون، كأي مواطن آخر، علماً أنهم لا ينتفعون من خدمات اجتماعية واستشفائية.
من هنا يجب عدم النظر إلى اللاجىء السوري بعدائية ربما تدفعه إلى رد فعل عدائي أيضاً، وربما إلى انتقام يجد مداه لدى المنظمات الإرهابية.
إن الإرهاب، سواء في لبنان أم في أي مكان في العالم، لا جنسيّة له، ولا منهب له، ولا إنسانيّة لديه.