حملة "حقي" تعزّز الشراكة "البديهيّة" للمعوّقين في الحياة السياسيّة

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 آذار 13 5 دقائق للقراءة
حملة "حقي" تعزّز الشراكة "البديهيّة" للمعوّقين في الحياة السياسيّة
من «حقي» المشاركة في الانتخابات
لم يميّز الدستور في مادته السابعة بين مواطن معوّق وآخر عادي، إذ أنّ "كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحمّلون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم". إلاّ أنّ هذا الواقع لا يتماهى مع المشهد المتكرّر من موسم انتخابي إلى آخر في لبنان. معاناة المعوّق تبدأ لحظة مغادرة منزله متوجهاً إلى مركز الإقتراع. يصطدم في مشواره بعقبات حلّها بديهي، مما يعكس إمعاناً من الدولة والمجتمع في انتهاك حق التنوّع والاختلاف المكرّس في الدستور. فكيف في وسع المعوّق تخطّي حواجز لوجستيّة وإنسانية قبل أن يصل إلى صندوق الإقتراع؟.

تُعتبر المشاركة في الحياة السياسيّة حقاً مقدّساً لجميع المواطنين، وهي واجب يمكّن هؤلاء من إيصال من يمثلهم إلى مجلس النواب كي يشرّعوا قوانين تحفظ حقوقهم. غير أنّ تهميش فئة المعوّقين نتيجة انعدام ثقافة احترام التنوّع ووجود المعوّقات الهندسيّة وغياب الوسائل البديلة، عوامل تمنعه من ممارسة حقّه الانتخابي. هذا الأمر دفع بـ"إتحاد المقعدين اللبنانيين" و"جمعية الشبيبة للمكفوفين" الى التصدي لهذا الواقع عبر إطلاق حملة "حقّي" عام 2005، واضعين نُصب عينيهما هدفاً أساسياً: تفعيل دور المعوّقين في الحياة السياسية وتسهيل مشاركتهم في الانتخابات كقوّة ضاغطة، وإبراز قضاياهم المحقّة.

 ترى مديرة حملة "حقي" سيلفانا اللقيس، أنه من الضروري تسهيل عملية اقتراع المعوّق كي يمارس حقّه الدستوري. ويتطلّب ذلك "توفير بيئة دامجة، وتجهيز مراكز الإقتراع  بمعايير هندسيّة تسمح له بالوصول إلى صندوق الاقتراع والإدلاء بصوته على نحو مستقل مهما كانت حاجاته الإضافية، وتأكيد حقه في اختيار من يريد لمساعدته في العملية الانتخابيّة، من دون التأثير على رأيه وتوجّهاته".

 

تطبيق المرسوم

منذ انطلاقها، تعاونت "حقي" بشكل وثيق مع وزارة الداخلية والبلديات. فصدر في العام 2009،  اثناء توّلي المحامي زياد بارود حقبة وزارة الداخلية والبلديات، المرسوم التطبيقي المتعلّق بالبيئة الهندسيّة الدامجة، من القانون 220/2000 الهادف إلى تسهيل عملية إقتراع المعوّقين. وتقول اللقيس في هذا السياق: "الحملة عرّفت المعوّقين على حقوقهم وعزّزت اقتراع الناخبين، ورصدت عملية اقتراعهم في الإنتخابات العامة والفرعيّة في أعوام 2007، 2009 و2010 في جميع المحافظات. فالرصد الجيّد والمسح الميداني والإحصاءات والخبرات التي باتت تتمتّع بها الحملة منذ 2005، بالتعاون مع وزارة الداخلية و"الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الإنتخابات"، و"الحملة المدنية للإصلاح الإنتخابي" التي تبنّت "حقّي" بنودها الإصلاحية، حققت أهدافها عام 2010 بإزالة العقبات من أمام المرشحين المعوّقين إلى المجالس البلديّة والإختياريّة، وذلك تعزيزاً للدور التنموي لتلك المجالس، فضلاً عن إنشاء غرفة عمليات مشتركة مع وزارة الداخلية للقيام بكل ما يلزم تسهيلاً لعملية الإقتراع".

أين الداخلية من عملية التطبيق؟

تشير اللقيس الى أن المرسوم "أكد حق المعوّقين في الإستعانة بمساعد أثناء عملية الإنتخاب إذا اقتضت الحاجة، غير أنّ اتفاقنا مع الوزارة يقضي بتحديد خطة وطنية لإزالة العقبات نهائياً، مما يسهم في تطبيق القانون ويسمح لنا بممارسة الضغط على الوزارات المعنيّة كي تجهّز أماكن الاقتراع ولا سيّما تلك التابعة لوزارة التربية. لهذا السبب، وضعت الحملة خطة لمدّة 12 سنة، أطلَعْنا عليها وزارة التربية في الحكومتين السابقة والحالية". وكشفت أن وزارة التربية رصدت مبلغ ملياري ليرة لبنانية لسنة 2013 كي يَشْرَع "مجلس الإنماء والإعمار" في تجهيز عددٍ من المدارس على مدى 12 سنة. وبموجب هذا المرسوم، تألفت لجنة ضمّت أعضاء ومندوبين من وزارات التربية والأشغال والشؤون الإجتماعية والداخلية، إضافة إلى أربعة مندوبين من الجمعيات التي تمثّل الإعاقات الأربع: الحركيّة، السمعيّة، البصريّة والذهنيّة.

رغم التحديات الكبيرة، تفخر اللقيس بالإنجاز الذي حققته "حقّي" منذ 2005، وتلفت الى "أن المسح الميداني الذي أجريناه لمراكز الإنتخابات، أظهر واقع هذه الأماكن وقدرة تجهيزها، ولا يزال المسح مستمرّاً كونه يشكّل معطى قوياً لخطة إزالة هذه المعوّقات".

حراك الحملة مستمر

لا تزال الحملة في حراك مستمر وإن بعيداً من الأضواء، ويتواصل نشاطها بموجب الخطة التي وضعتها استعداداً للإنتخابات المقبلة. وتعتبر اللقيس إلى أنه "من الطبيعي ارتفاع وتيرة عمل الحملة في فترة الإنتخابات، لأن الجوّ العام يكون ملائماً للتلقي". في موازاة ذلك، تسعى "حقّي" إلى تشجيع المعوّقين على المشاركة في الإقتراع والمطالبة بمراكز مجهزّة لاستقبالهم". وتركز حالياً على تدريب المعوّقين على كيفيّة التعامل مع المرشحين والضغط عليهم، بغية وضع برامج تشمل قضايا الجميع، ومراقبة خطاباتهم، ورصد الإنتهاكات، وملاحقة الإصطلاحات اللغويّة. وفي هذا الخصوص، تقول اللقيس: " ما زلنا نتابع "الحملة المدنية للإصلاح الإنتخابي"، بعدما أوصلت صوتنا إلى المجتمع المدني الذي أصبح على دراية بضرورة توفير بيئة دامجة للمعوّقين ضمن الأدوات التي يستخدمها في مراقبته للإنتخابات". وينصب اهتمام الحملة راهناً على القانون الإنتخابي الذي سيصدر للتأكّد من إدراج كل البنود التي تتعلّق بمشاركة المعوّقين في الإنتخابات. كذلك، تتابع "حقّي" مع وزارة الداخلية والبلديات، آلية تنفيذ العملية الانتخابية بدءاً من تنمية قدرات العاملين في الوزارة وتدريبهم على سُبُل التعاطي مع المعوّقين في الإنتخابات، إضافة إلى تحديد تقنيّة واضحة بين الداخلية والمناطق تمهيداً للإنتخابات، مثل تعيين نقاط الإرتكاز ومساهمة البلديات في تجهيز المناطق وفق إمكاناتها". 

وأعربت مديرة الحملة عن رغبتها في معرفة آلية الانتخاب التي ستعتمد مع المكفوفين: "نرفض أن تبقى وسيلتهم الوحيدة الإستعانة بمساعد، إذ حان الوقت كي تكون بطاقة الإنتخابات مؤهّلة لهم". 

وتصف عمل الحملة بـ"المتقدّم" على مستوى المجتمع المدني، إلاّ أنه لا يزال "خجولاً" على المستوى الرسمي، علماً أن "موضوع حقوق المعوّقين في الحياة السياسية فرضَ نفسه على أجندة السياسيين وصنّاع القرار، لكن حل المشكلة لم يبلغ المستوى المطلوب نتيجة عدم رصد الموازنة، الأمر الذي يعوّق تنفيذ القرارات". وتضيف في هذا الصدد: "لم نرَ خطة جديّة كما كنّا نسعى. نحن نحتاج إلى خطط وطنية طويلة الأمد، بيد أنّ مشكلتنا مع الوزارات أنّها لا تتبنّى خططاً استراتيجيّة، وكل ما تنجزه غالباً ما يخضع لضغط ما".

تطمح "حقّي" الى توفير دعم مستمر من المجتمع المدني وحضّ الطبقة السياسية على تنفيذ مطالبها، كي لا يقتصر الحراك في الحملة على المعوّقين. هذا التكاتف بين المواطنين، في حال تحقّق، يأخذ بُعداً حضارياً يعزّز صورة لبنان الديموقراطية، ويرسّخ الحقوق السياسيّة والمدنيّة والشراكة البديهيّة في الوطن.

A+
A-
share
آذار 2013
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
10 كانون الأول 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
10 كانون الأول 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد