تغيير الوسائل: الشباب اللبناني يُحقق ذاته

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 07 أيار 20 بقلم كريم شهيب، صحافي 4 دقائق للقراءة
تغيير الوسائل: الشباب اللبناني يُحقق ذاته
يُعتبر المشهد الإعلامي في لبنان فريداً في المنطقة نظراً إلى ما يضمّه من مجموعة متنوّعة من القنوات والمنصات التي يملكها عدد من الأشخاص، مقارنة بنظيراتها على مستوى المنطقة العربية. غير أن هذا الواقع دفع الكثير من اللبنانيين للسعي إلى شيء مختلف.
يُعتبر المشهد الإعلامي في لبنان فريداً في المنطقة نظراً إلى ما يضمّه من مجموعة متنوّعة من القنوات والمنصات التي يملكها عدد من الأشخاص، مقارنة بنظيراتها على مستوى المنطقة العربية. غير أن هذا الواقع دفع الكثير من اللبنانيين للسعي إلى شيء مختلف.
على الرغم من هذا التنوّع، تعاني وسائل الإعلام اللبنانية من قيود كبيرة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بملكيتها. لقد كشف مرصد ملكية وسائل الإعلام في لبنان، وهو مشروع أعدته مؤسسة سمير قصير في لبنان و"منظمة مراسلون بلا حدود" غير الحكومية الدولية، أن الغالبية العظمى من وسائل الإعلام اللبنانية يملكها ويديرها أنصار الأحزاب التقليدية في البلاد ورجال أعمال لديهم التطلعات نفسها. وهذا يترك مجالاً محدوداً لجيل جديد يتحدى هذه الإعتبارات، ولطالما كان داعماً للوضع الطائفي والسياسي والإقتصادي القائم.
تشعر هذه الفئة الجديدة من اللبنانيين بأنها مستبعدة من البرامج والروايات السائدة، ولا تثق بها بالضرورة. وقد تكثفت هذه التطورات بشكل خاص في الأشهر الأخيرة في أعقاب موجة من الإحتجاجات الواسعة المطالبة بالإصلاح والشفافية. لقد قلل الإعلام اللبناني من شأن هذه المسائل والمطالب، أو نسجها بطريقة تُشعر هذا الجيل أنها لا تعالج مظالمه.
يشعر العديد من المواطنين أن وسائل الإعلام المستقلة والشاملة للجميع تلعب دوراً بالغ الأهمية في الضغط من أجل تحقيق الشفافية من خلال التحقيقات الصارمة، وفي تعزيز المواطنة من خلال إدماج الأصوات التي تمثل الشرائح السكانية المختلفة. أما في المشهد الإعلامي، فتشعر هذه الفئات بأنها مستبعدة. وفي الأشهر الأخيرة، إزداد الطلب على المعرفة فيما ازداد الإهتمام بالمشاركة المدنية مع إستمرار إنهيار الإقتصاد اللبناني.
منذ نهاية الحرب الأهلية في لبنان في عام 1990 بعد أن استمرت 15 عاماً، اعتُبر التحدث في السياسة والقيام بدور ناشط في الإعتراض على الوضع القائم من المحرّمات التي لا تلقى صدى لدى الكثير من الشباب اللبناني. وفجأة وجد الفنانون والمؤثرون أنفسهم يسدون ثغرة كبيرة في معالجة هذه المطالب.
وفي هذا الإطار، قال نور حجار الممثل الهزلي اللبناني ضاحكاً: "نحن قادرون على التواصل!"، وأضاف: "نحن نربط كل شيء بحياتنا اليومية".
حجار من بين مجموعة من الممثلين الكوميديين، مثل شادن وأولكسندرا الزهران وجينو رعيدي الذين لفتوا الإنتباه بآرائهم حول مختلف القضايا الإجتماعية والسياسية في مختلف المناطق اللبنانية. وهذا لا يقتصر على لبنان، إذ أثبت ساخرون مثل الناقد الإعلامي باسم يوسف ومقدم برنامج "جو شو" يوسف حسين، أن هذه الظاهرة إقليمية.
سواء استخدموا خشبة المسرح أو فيديو قصير على إنستغرام، فقد اكتسبوا جمهوراً ضخماً يشعر أنهم يعبّرون عن وجهات نظر وآراء غالباً ما تكون مستبعدة في رواية وسائل الإعلام التقليدية.
وساهم وجود هذه المصادر الجديدة للمعلومات في مساحات محايدة في نمو حجم جمهورها. يمكنها الجمع بين مجموعة متنوّعة من الأشخاص لتعزيز الحقوق المدنية، والتنديد بالسياسات القائمة، والدعوة إلى التغيير عبر استخدامها الأماكن الثقافية والإنترنت. 
كما يتم تشكيل تجمّعات مثل drow·kwa التي تجمع بين الممثلين الكوميديين القادرين على التعبير عن أنفسهم بارتياح وتسخير حرفيتهم ومشاطرة الآخرين مواردهم. وفي الوقت نفسه، تواصل قنوات المؤثرين من كافة المشارب على منصات التواصل الإجتماعي، إنشاء مساحة حرّة ومفتوحة للمناقشة والدعم الجماعي.
تشكل هذه المساحات أرضاً خصبة للحوار، بحيث يتبادل الناس التجارب والجوانب المشتركة، ويناقشون اختلافاتهم بحسن نيّة عندما يتخطون الحواجز الأيديولوجية والطائفية المفروضة عليهم.
بالنسبة إلى الممثلين الكوميديين مثل نور حجار، لا توجد طريقة أفضل من الأضحوكة لتعزيز الحوار والمشاركة المدنية. 
فقد قال: "نحن نضغط من أجل تحقيق المشاركة السياسية للمواطنين. الكوميديا هي ألطف طريقة لتكون جاداً بشأن ذلك... الوجه الأكثر ودية للتحدث مع صاحبه عن السياسة".
غير أن هذا التطوّر الجديد لا يعفي جيلاً متعطشاً للمعلومات والعمل الوطني من العقبات التي لا تزال تعترض طريق الأشياء.
من بين العقبات الكبيرة التصاعد الأخير في حملات التضليل التي أثرت ليس فقط على تغطية الأخبار، بل أيضاً على المناقشات والروايات على الإنترنت. إن الرسائل الصوتية المبهمة على واتساب والحملات المخادعة على وسائل التواصل الإجتماعي التي تمّ تجميعها بواسطة روبوتات تخلق معلومات متنافرة، أثارت القلق لدى المواطنين اللبنانيين عموماً، وغالباً ما تحاول تأجيج التوترات الطائفية في الوقت الذي يستمر عدد متزايد من اللبنانيين في رفضها.
يقف لبنان حالياً عند منعطف دقيق بعد أن عجز عن تسديد ديونه للمرة الأولى، ومن المقرر أن يقدم خطة إنقاذ اقتصادية. وفي هذا السياق، إزدادت المطالبة بالمعلومات والشفافية والمساءلة أكثر من أي وقت مضى.
تشهد الصحافة المستقلة تزايداً مستمراً في حجمها مع صحافيين أمثال حبيب بطاح ولارا بيطار وآخرين في مواجهة الإتجاه السائد، من خلال تطبيق معايير تحريرية صارمة وإعداد التقارير المتعمّقة. يرى حجار أن طفرة المنصات الإعلامية المستقلة التي تعمل من دون قيود على التحرير مثل "ميغافون" و"درج" و"مصدر عام" في السنوات الأخيرة، تلعب دوراً  أساسياً في معالجة المشاكل مع وسائل الإعلام اللبنانية، لا سيما في ظل تفاقم الأزمة الإقتصادية في لبنان.
بدوره يعتبر حجار أنه هو، بالإضافة إلى الممثلين الكوميديين الآخرين والمؤثرين على وسائل التواصل الإجتماعي، يريدون مواصلة القيام بدورهم في تعزيز الشفافية وإرساء الديمقراطية والمواطنة، وهو ما يكمل دور وسائل الإعلام المستقلة، بحسب رأيه.
وختم قائلاً: "يجب أن نكون جميعاً مستعدين ومطلعين على أسباب سير الأمور بشكل خاطىء. [بهذه الطريقة] يمكننا جميعاً معالجة الوضع وبناء شيء جديد معاً".
A+
A-
share
أيار 2020
أنظر أيضا
07 أيار 2020 بقلم نور المللي، منسق إعلامي لمختبر"شّدة" الإعلامي
07 أيار 2020
بقلم نور المللي، منسق إعلامي لمختبر"شّدة" الإعلامي
07 أيار 2020 بقلم ناتالي روزا بوخر، كاتبة وباحثة
07 أيار 2020
بقلم ناتالي روزا بوخر، كاتبة وباحثة
24 آذار 2021 بقلم ايمان العبد، صحافية
24 آذار 2021
بقلم ايمان العبد، صحافية
أحدث فيديو
أماني الخطيب: رحلة ناشطة ووسيطة محلية - تقرير عبير مرزوق
SalamWaKalam
أماني الخطيب: رحلة ناشطة ووسيطة محلية - تقرير عبير مرزوق
SalamWaKalam

أماني الخطيب: رحلة ناشطة ووسيطة محلية - تقرير عبير مرزوق

تشرين الثاني 04, 2024 بقلم عبير مرزوق، صحافية
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
04 تشرين الثاني 2024 بقلم عبير مرزوق، صحافية
04 تشرين الثاني 2024
بقلم عبير مرزوق، صحافية
تحميل المزيد