حضرات القراء الأعزاء،
فرض وباء كوفيد19- (كورونا) العديد من التغييرات عندما فاجأ العالم في آذار 2020، بما في ذلك في رسائلنا ومنشوراتنا. وفقًا لذلك، كان من الضروري تعديل بعض المضمون الذي كنا بدأنا نخطّط له في كانون الثاني لهذا العدد الخاص من ملحق أخبار بناء السلام في لبنان حول "المواطنة وبناء السلام" من أجل عكس التطورات الحالية.
وبهذه الروح، اخترنا ان نستبدل مقالنا الافتتاحي الإعتيادي بمقطع من ملاحظات أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى مجلس الأمن في نيويورك في 9 نيسان 2020:
أود أن أشكركم على عقد هذه المناقشة الهامة.
يواجه العالم اليوم أخطر اختبار منذ تأسيس هذه المنظمة.
في الوقت الحالي كل بلد يكافح أو يتأهب للمعاناة من الآثار المدمرة لجائحة كورونا: عشرات الآلاف من الأرواح المفقودة، والأسر المفككة، والمستشفيات التي تغص بالمصابين، والعمال الأساسيون المنهكون.
كلنا نكافح من أجل استيعاب الصدمة المستمرة: إختفاء الوظائف ومعاناة الشركات، والتحول الأساسي والجذري في حياتنا اليومية، والخوف من أن الأسوأ آتٍ، لا سيما في البلدان النامية وتلك التي تتعرض أصلاً للنزاعات المسلحة.
في حين أن جائحة كورونا هي أولاً وقبل كل شيء أزمة صحية، فإن آثارها أبعد أثراً بكثير.
نحن نشهد بالفعل آثارها الإجتماعية والإقتصادية المدمرة، بينما تسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم جاهدة للعثور على طرق المواجهة الأكثر فعالية لارتفاع البطالة والإنكماش الإقتصادي.
لكن الجائحة تشكل أيضاً تهديداً كبيراً لصون السلام والأمن الدوليين، مما قد يؤدي إلى زيادة الإضطرابات الإجتماعية والعنف، الذي من شأنه أن يقوض إلى حد كبير قدرتنا على مكافحة المرض.
إن مخاوفي كثيرة وواسعة النطاق، ولكن اسمحوا لي أن أحدد ثمانية مخاطر ملحة بصفة خاصة:
أولاً، تهدد جائحة كورونا بالمزيد من اضمحلال الثقة في المؤسسات العامة، لا سيما إذا كان المواطنون يدركون أن سلطاتهم أساءت التصرف فيما يتعلق بالإستجابة أو لم تكن شفافة فيما يتعلق بحجم الأزمة.
ثانياً، يمكن أن تؤدي التداعيات الإقتصادية لهذه الأزمة إلى ضغوط كبيرة، لا سيما في المجتمعات الهشة والبلدان الأقل نمواً والبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية. سيُحدث عدم الإستقرار الإقتصادي آثاراً مدمرة بصفة خاصة على النساء اللواتي يشكلن الغالبية العظمى من تلك القطاعات الأكثر تضرراً. إن الأعداد الكبيرة من الأسر التي تعيلها امرأة في حالات النزاعات معرضة بشكل خاص للصدمات الإقتصادية.
ثالثاً، يمكن أن يؤدي تأجيل الإنتخابات أو الإستفتاءات أو قرار المضي قدماً في التصويت، حتى مع التدابير التخفيفية، إلى خلق توترات سياسية وتقويض شرعية الحكم. من الأفضل اتخاذ مثل هذه القرارات بعد إجراء مشاورات واسعة النطاق تهدف إلى توافق الآراء. ليس الوقت مناسباً للإنتهازية السياسية.
رابعاً ، في بعض حالات النزاعات ، قد يخلق عدم اليقين الذي تسببت به الجائحة حوافز لدى بعض الجهات الفاعلة لتعزيز المزيد من الإنقسامات والإضطراب. وقد يؤدي ذلك إلى تصعيد أعمال العنف وربما إلى أخطاء مدمرة في التقدير، الأمر الذي يمكن أن يرسخ الحروب الدائرة ويعقد الجهود المبذولة لمكافحة الجائحة.
خامساً، لا يزال خطر الإرهاب مستمراً. قد ترى الجماعات الإرهابية فرصة سانحة لتوجيه ضربتها بينما يتجه اهتمام معظم الحكومات نحو الجائحة. تشكل الحالة في منطقة الساحل، حيث يواجه الناس آفة مزدوجة من فيروس كورونا وتصاعد الأعمال الإرهابية، مدعاة للقلق بوجه خاص.
سادساً، إن كشف هذه الجائحة عن نقاط الضعف وعدم الإستعداد لمواجهتها يوفر فرصة لإدراك كيفية وقوع هجوم إرهابي بيولوجي، وقد يزيد من مخاطره. فقد تتمكن مجموعات غير حكومية من الوصول إلى السلالات الخبيثة التي يمكن أن تحدث دماراً مماثلاً في المجتمعات في جميع أنحاء العالم.
سابعاً، أدت الأزمة إلى عرقلة الجهود الدولية والإقليمية والوطنية الرامية لحل النزاعات في الوقت الذي تشتد الحاجة إليها.
لقد تعثر العديد من عمليات السلام خلال استجابة العالم لجائحة كورونا.
لقد لسمت مساعينا الحميدة والتزاماتنا في مجال الوساطة تأثير الجائحة في هذا السياق.
قد تستمر القيود المفروضة على الحركة في التأثير على عمل الآليات المختلفة القائمة على الثقة، وكذلك على قدرتنا على الإنخراط في دبلوماسية الأزمات للتخفيف من حدة النزاعات المحتملة.
ثامناً، تتسبب الجائحة في إثارة أو تفاقم العديد من التحديات المتعلقة بحقوق الإنسان.
نحن نشهد الوصمة بالعار وخطاب الكراهية وعنصرية البيض والمتطرفين الآخرين الساعين إلى استغلال الوضع. كما نشهد تمييزاً في الحصول على الخدمات الصحية. ويشكل اللاجئون والمشردون داخلياً الفئات الأكثر عرضة للخطر. وهناك مظاهر متزايدة للإستبداد، بما في ذلك القيود المفروضة على وسائل الإعلام، والحيز المدني وحرية التعبير.
مشروع الأمم المتحدة الإنمائي، لبنان