المرأة في زمن الثورة: أمّ، إعلامية، ناشطة... هي من حمت الرجل!

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 07 أيار 20 بقلم منال شعيا، صحافية في قسم المحليات السياسية في صحيفة "النهار" 5 دقائق للقراءة
المرأة في زمن الثورة: أمّ، إعلامية، ناشطة... هي من حمت الرجل!
ربما ليست صدفة أن نختار الحديث عن المرأة في زمن الثورة. منذ 17 تشرين الاول 2019، برزت المرأة اللبنانية، في ثورة طبعت لبنان الحديث. فأي تأثير للمرأة في هذا الحراك؟
ربما ليست صدفة أن نختار الحديث عن المرأة في زمن الثورة. منذ 17 تشرين الاول 2019، برزت المرأة اللبنانية، في ثورة طبعت لبنان الحديث. فأي تأثير للمرأة في هذا الحراك؟ 
إذا انطلقنا من المنطق القائل أنّ المرأة مواطنة مثلها مثل الرجل، وبالتالي تتمتع بكامل الحقوق والواجبات مثله، لا يعود الحديث عن تميّز ما حديثاً مبرراً، لأنه، في هذه الحالة، تصبح المرأة مواطنة تشارك الرجل في الحياة المهنية والإجتماعية والثقافية والسياسية - الوطنية، وبالتالي "الثورية".
أسلاك شائكة
في زمن الثورة، لا يمكن اعتبار مسألة المساواة بين المرأة والرجل من المسائل العابرة. إنما إذا أردنا ربطها بمفهوم المواطنة ككل، عندها، تصبح المساواة أمراً تفصيلياً ولا تغدو مهمة. وربما، هذا ما دفع بالمرأة اللبنانية إلى الإنخراط أكثر فأكثر في الثورة منذ انطلاقتها، وكانت جنباً الى جنب الرجل على كل المستويات، لئلا نقل أنها تفوّقت عليه في بعض الأمكنة.
تمثلّ الدور الأعظم الذي أظهرته المرأة في الثورة، في تظاهرة الشياح – عين الرمانة، مع ما تعنيه هذه المنطقة من رمزية راسخة من زمن الحرب. فكان القرار "النسوي" في تنظيم تظاهرة هناك منعاً لتكرار تلك التجربة المرّة، إنطلاقاً من المواطنة الحقيقية التي تجعل المرأة مسؤولة وطنياً مثلها مثل الرجل، ولأن المواطنة الحقّة لا بد من أن تعزّز ايضاً السلم الاهلي وتحميه من أي عنف.
ليندا خير الله، هي إحدى الأمهات اللواتي شاركن في مسيرة الشياح، تخبر عن ذاك النهار بقولها: "كان  يوماً عظيماً. لم نشعر إلا بذاك الحب العفوي الذي كان سائداً بين الجميع. مسلمون ومسيحيون، كلنا يجمعنا همّ واحد، وجع واحد، وهو ضيق العيش في هذا البلد".
تتابع: "كلنا أمهات، ولا نريد ابناءنا خارج هذا الوطن".
ليندا أم لثلاثة شباب، لم يبق منهم إلا واحد في لبنان. تعلّق: "تعبت من الهجرة، رغم أنني لم أجرّبها بنفسي، لكن تجربة أولادي كافية بأن تجعلني أكرهها. وبالطبع، هذا الوجع يتشاطره كثر من الأمهات".
تعترف ليندا بأن المرأة اللبنانية، وتحديداً الأم اللبنانية، عاشت الكثير وتعذّبت، وليس غريباً أن تكون في الصفوف الأمامية لتلك الثورة. "إنه الوجع الذي يحرّكها، لذلك، تأتي تجربتها صادقة ومؤثرة".
هذا الحراك النسوي عزّز أكثر مفهوم المواطنة ومنطق مشاركة المرأة الرجل في كل الميادين، حتى تلك التي تعتبر خطرة.
هذه النقطة الإشكالية في المساواة بين الرجل والمرأة دفعت بتقرير التنمية البشرية لعام 2019 الى أن يعالج القضية من إطار "أوجه عدم المساواة في القرن الحادي والعشرين". ويلفت التقرير الذي يصدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الى أن "عدم المساواة بين الجنسين في القرن الحادي والعشرين يعتبر أمراً جوهرياً ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية البشرية، وهو يبدي ديناميّات التقارب في الإمكانات الأساسية والتباعد في الإمكانات المعزّزة، علماً أن المرأة لا تزال في كثير من أنحاء العالم تفتقر إلى دعم في الوظائف الأساسية للحياة، ويتجلّى ذلك في دليل الفوارق بين الجنسين ومكوّناته، ما يعكس فجوات في الصحة الإنجابية وفي التمكين وسوق العمل وغيرها من الجوانب".
إلا أنّ التقرير نفسه يتحدث عن "تقلّص أوجه عدم المساواة، في بعض الإمكانات الأساسية في معظم البلدان، إنما بشكل بطيء"، ويؤكد أنّ "ثمة رسالة اساسية وهي أن عدم المساواة يتراكم مدى الحياة، وكثيراً ما يعكس اختلالات عميقة في موازين القوى".
هذه المعادلة تكاد تكون بعيدة عن زمن الثورة التي يشهدها لبنان، لكون المرأة غالباً ما كانت في الصفوف الأمامية للمواجهة، ولأنها أثبتت كيف تترجم المواطنة الحقيقية على الأرض. من هنا، بات الحديث عن التمييز أمراً مستبعداً. وقد برز دور المرأة جلياً عند كل اشتباك، إذ كانت هي الحدّ الفاصل بين المتظاهرين والقوى الأمنية، وشكلّت بنفسها "أسلاكاً شائكة" لمنع أي احتكاك بين الطرفين. باختصار، كانت هي من تحمي الرجل!
مرّة جديدة، تثبت المرأة أنها تشارك الرجل في المواطنة الحقّة.
القوى الأمنية لم تفرّق بين إعلامي وإعلاميّة
على مدى أكثر من ستة أشهر، كان الإعلام الركن الاساسي في الثورة. وفي التجربة الميدانية، إختبرت الإعلامية راشيل كرم الحراك من منطقة حساسة هي طرابلس.
تقول: "الدور يختلف باختلاف الطباع بين المرأة والرجل، فالمرأة عموماً تميل إلى التهدئة، وتقارب الواقع من عمق إنساني أكثر من الرجل، وتدرك كيف تلامس الوجع والمعاناة. إنما لا اعتقد أن تعاطي الناس مع الإعلامية يختلف منه مع الاعلامي، حتى تعامل القوى الأمنية معها لا يختلف، وهذا ما لمسته، بحيث أن المرأة لم تكن أبداً محميّة في الثورة، فالقوى الأمنية لم تميّز بين رجل وامرأة، وخصوصاً بغضبهم، لا تمييز أبداً".
فكرت كرم كإمرأة. ربما مع الرجال، تكون المعادلة واضحة: قوّة مقابل قوّة. إنما مع المرأة المقاربة تختلف. وتعترف كرم أن "شخصية المراسل تؤدي أيضاً دوراً أساسياً، بحيث أن التجربة المهنية والنظرة إلى الإعلام وإلى المهنة ككل، عوامل تشكل ركناً أساسياً في طريقة التعاطي مع الحدث، وهذا ما يدفع إلى التميّز بين الإعلاميين، سواء كانوا رجالاً أم نساء".
لكن الإعلام عموماً يواجه تحدياً كبيراً هو "السوشيل ميديا"، إذ بات كل فرد صحافياً. يقوّم تجربة الإعلاميين الحقيقيين، وهذا في جانب منه سلبي ويسيء إلى المهنة. 
هذا "التفلّت" لا يخدم أبداً المواطنة الحقيقية، بل يهدّدها ويبعدها عن مسارها السليم، لأن المسؤولية الوطنية لا يمكن فصلها أبداً عن المواطنة، بل هما وجهان لعملة واحدة.  
... باختصار، إنها المرأة اللبنانية التي اختزنت الكثير من التجارب، من زمن الحرب كما من زمن السلم... ومن زمن الثورة أيضاً. لذلك قيل "إن الثورة أنثى..."
A+
A-
share
أيار 2020
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
10 كانون الأول 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
10 كانون الأول 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد