يولد هذا العدد في رحم المعاناة. في قلب الأزمات التي توالت على اللبنانيين، وآخرها وباء الكورونا الذي أدخلهم في خوف عظيم، وحرمهم، كما كل الأمم، أبسط حقوق المواطنة، وربما الحقوق الإنسانية المعترف بها دولياً. ولعل حقوق المواطنة في لبنان، بل افتقادها، وقت الأزمات والحروب المتكررة، له الوقع الأقسى. فاللبنانيون ينظرون اليوم إلى مواطني الدول الحضارية، وكيف توفر لهم الحكومات ما يسدّ رمقهم، من دون منّة من أحد، ومن دون واسطة سياسي يريد أن يعوّم نفسه من خلال المساعدات العيّنية وحملات التعقيم وفتات المال.
أي دور يلعبه الإعلام في هذا المجال؟ لا تكفي مقدمات إخبارية إنشائية، بل تأديبية، في التوعية الحقة، بل قد تولّد ردود فعل عكسية، في مجتمع عاش وخبر كل أنواع التحديات، وهو يتحدى السلطة والقانون باستمرار لإثبات نفسه.
لا يكفي أن يقول الإعلام للمواطن، لوالده وشقيقه وجاره وقريبه، "خليك بالبيت"، بل أن المهنية الإعلامية تقتضي دفعه إلى الإفادة من زمن الحجر المنزلي للقيام بشيء نافع، بعمل مفيد، فينجز ما كان متأخراً، ويقرأ، ويدرس، وينجز أعمالاً ممكنة من المنزل، ويختلي بنفسه، ويفكر في غده الذي تستوطنه التحديات الكثيرة.
ومن الضرورة بمكان، أن تتم توعية المواطن على حقوقه الأساسية، وأيضاً على واجباته، فلا يكفي التذمر، والشكوى، وعرض المشكلات، بل التهويل بها، كأن المواطن الأعزل قادر على ابتداع الحلول.
إنه زمن جميل، أن تلتقي العائلات، أن تفكر معاً، أن تخطط لغدها، أن تتعرّف على إعلام نوعي، ولو كان يعاني الفقر، لا إعلام مبتذل رخيص خال من كل مضمون مفيد.