دور المرأة اللبنانية في توطيد السلام خلال الحرب الأهلية

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 آب 19 5 دقائق للقراءة
دور المرأة اللبنانية في توطيد السلام خلال الحرب الأهلية
© عمل فني لمنى أبي وردة
"قُتِلَت ابنتنا على درج المبنى الذي كنا نقطنه... بعد مرور ثلاثة أسابيع على وفاة ابنتي جنى، كان لي لقاء للتحضير لمظاهرة للمعوقين، وقد حضرته. ... لا أستطيع أن أقول بأننا أوقفنا الحرب، إنما على الرغم من أننا كنّا أقلية، إلا أن ذلك ساعدَنا على التغلُّب على الحرب". على الرغم من مأساتها، كانت لور مغيزل واحدة من أعمدة الأساس في حركة بناء السلام.

يصادف شهر نيسان 2020 الذكرى الخامسة والأربعين للحرب الأهلية اللبنانية، وهي إحدى أطول الحروب في القرن الواحد والعشرين وأكثرها دمارًا. وهي حرب تركت فينا ندوبًا جسدية وعاطفية نظرًا إلى وحشيتها وعبثيتها.

وفي خضمِّ هذه الحرب الفظيعة، برزت المرأة كبطلة مجبرة على اتخاذ أدوار جديدة ضمن العائلة والمجتمع والمجال العام. كانت تعمل بشكل متواصل على ترميم النسيج الاجتماعي الهش الذي تُرِكَ رثًّا وممزَّقًا بسبب المجازر وحالات الاغتصاب والقناصين والسيارات المفخخة والقذائف والتهجير، وتعيد خياطته. وفي فترات غياب الرجال، حيث كانوا إمَّا يحاربون أو موقوفين أو مهجرين أو مفقودين أو أموات – أصبحت المرأة، على سبيل المثال لا الحصر، ربَّة الأسرة والمُعيلة والممرِّضة وموزِّعة المؤن والمفاوِضة والمبادِرة بالسلام.

وقد حاولت المرأة اللبنانية، بشكل فاعل، كبح غضب الحرب من خلال المشاركة في حركات سلام لاعنفية مثال المسيرات والإضرابات عن الطعام والاعتصامات والأعمال الإنسانية وحفلات المصالحة ولقاءات الصلاة. وقد تطوعت وعملت في منظمات وطنية ودولية حيث نظمت مخيمات صيفية للأطفال في لبنان وخارجه، وساعدت على جمع الأموال لذوي الإعاقات والمصابين بجروح خطيرة وأرسلتهم للعلاج في الخارج. وقد نسَّقت أعمال الإغاثة للاجئين والعائلات المهجرة من خلال تأمين الحصص الغذائية والبطانيات والملابس والعلاج الطبي والملاجئ.

لقد لعبت المرأة اللبنانية، بشكل فردي وجماعي، دورًا رئيسيًّا في خلق ما يشبه الحياة الطبيعية لتصبح "المخلِّصة لنسيج المجتمع اللبناني". وقد لعبت دور مخففة الصدمة طوال فترة الحرب، وحاولت المساعدة على إلغاء خطوط التماس، وسعت إلى سدِّ الفجوة ومحو الانقسام في بلاد حطَّمتها الطائفية التي خلقت الفوضى بين مواطنيها. وقد فاوضت من أجل السلام في مجتمعاتها، وكانت الوسيطة التي حَمَت زوجها وعائلتها، وحاولت محاورة رجال الميليشيات في الطرقات والأطراف المتحاربة للحفاظ على الحوار البنَّاء.

خير مثال على هذه المرأة هي إيمان خليفة، مواطنة عادية تحوَّلت بين ليلة وضحاها إلى ناشطة من أجل السلام عندما أجابت بشكل عفوي على السؤال "هل تظنين أن الناس بحاجة إلى إذن للثورة؟" ودَعَت إلى مسيرة سلمية تحتج على فظاعات الحرب في ذكراها العاشرة. لم تتحقَّق المسيرة التي سعت إلى تنظيمها في لبنان بسبب القصف العنيف من قِبل الأطراف المتحاربة، إلَّا أنَّ دعوتها حرَّكت اعتصامات في باريس ولندن ونيويورك، وقد أكسبها نشاطها جائزة نوبل البديلة للسلام.

وقد عارضت نعمت كنعان، المديرة العامة لوزارة الشؤون الاجتماعية في ذاك الوقت، والملتزمة بموجباتها الإنسانية دون كللٍ، الحواجز والتقسيمات الميليشياوية بشجاعة: "لم أستطع يومًا تحمُّل سماع أي شيء سيِّئ يُحكى من طرف واحد ضد الآخر، وكنت أدافع عن المسلمين عندما يشتكي سكان بيروت الشرقية، وأدافع عن المسيحيِّين عندما يشتكي سكان بيروت الغربية".

وقد أثارت الحرب المقاومة من قِبل الكاتبات اللبنانيات اللواتي عبَّرن عن مخاوفهن ومقاومتهن إزاء الحرب. كانت إميلي نصر الله وحنان الشيخ وإيتيل عدنان وإفلين عقاد وجين مقدسي حفنة من الكاتبات اللواتي وثَّقنَ تجاربهن وحوَّلن معاناتهن اليومية إلى قصص مؤثرة عن قدرة البشرية على الولادة من جديد والتراجع والتعاطف.

في نداء أصبح اليوم شهيرًا، ردَّدت صداه محطات إذاعية ميليشياوية، دَعَت وداد حلواني اللبنانيين الذين يعرفون شخصًا في عداد المفقودين إلى مسيرة إلى جانبها أمام جامع عبد الناصر لطلب الدعم من الحكومة لأجل أقاربهم وأصدقائهم المفقودين. ونتيجة لهذا العمل، انبثقت لجنة عائلات المخطوفين والمفقودين– وكانت هذه واحدة من أولى المرَّات التي تنزل النساء فيها إلى الشارع احتجاجًا على الحرب.

وعلى الرغم من الجهود كافة التي تبذلها المرأة، وعلى الرغم من أنها تمثل غالبية الناشطين في تحركات السلام، وعلى الرغم من ازدياد مشاركتها في الاتحادات والأحزاب السياسية خلال الحرب، إلا أنها بقيت مستبعدة عن المشاركة في مفاوضات السلام وجهود إعادة الإعمار ما بعد الحرب. ويدلّ غيابها عن طاولات المفاوضات وإبعادها إلى المجال الخاص على أن الهياكل الذكورية يمكن أن تتسبّبب بتهميش المرأة بمجرد استعادة "النظام". وفي حين أن الحرب اللبنانية كانت حربًا من دون رابحين، إلَّا أن المرأة كانت، في نهاية المطاف، من أكبر الخاسرات فيها.

 

المراجع (للنص الأجنبي)

أبو الحسن، ز. (2015، نيسان). أين كانت النساء؟ تم الحصول عليها من

https://www.alaraby.co.uk/english/features/2015/4/14/where-were-the-women.

"احتجاج صامت: النساء اللبنانيات تعتصمن". (1983، تشرين الثاني)، الرائدة، VI (26)، 14.

Bexley, J., Bennett, O., & Warnock, K. (1995). Arms to fight, arms to protect: Women speak

out about conflict. London: Panos.

 

Cooke, M. (2000). Women and the war story. Boulder, Colo: NetLibrary, Inc.

 

Cooke, M. (1987). Women write war: The centring of the Beirut decentrists. Oxford: Centre

for Lebanese Studies.

حلواني، و. (2019، كانون الثاني) عن المرأة الصغيرة ذاكرة البلاد. المفكرة القانونية. تم الحصول عليها من

http://legal-agenda.com/article.php?id=5024

 

كرامه، ك. (2012). "مشاركة المرأة في صنع القرارات السياسية وعمليات التعافي في لبنان ما بعد النزاع"، تحدي دور الضحية: المرأة وبناء السلام ما بعد النزاع. نيويورك: الأمم المتحدة.

"العيش مع أشباح الماضي: تأثير الاختفاء على زوجات المفقودين في لبنان". (2015، آذار). بيروت: معهد الدراسات  النسائية في العالم العربي، نساء الأمم المتحدة، المركز الدولي للعدالة الانتقالية.

مغيزل، ل. (1990، آب). "مشاركة المرأة في السياسة خلال الحرب (لبنان)"، الرائدة، IX (50)، 3.

نوفل، ن. برنامج عمل منظمة العمل الدولية حول التدريب على المهارات وريادة الأعمال للبلدان الخارجة من النزاع المسلّح، ومكتب العمل الدولي. (1997). لبنان ما بعد الحرب: المرأة والمجموعات الأخرى المتأثرة بالحرب. جنيف: قسم سياسات التدريب والنظم، مكتب العمل الدولي.

سمارة، م. (2016، أيلول). "المرأة اللبنانية شاهدة على الحرب"، الرائدة، 42، 9-11.

اسطفان، ر. (2014، تشرين الثاني). "أربع دفعات من الحركات النسائية اللبنانية"، E-International Relations Journal. تم الحصول عليه من https://www.e-ir.info/2014/11/07/four-waves-of-lebanese-feminism/.

اسطفان، وفاء (2016، أيلول). "المرأة والحرب في لبنان"، الرائدة، 30، 2-3.

Valentine, M. (2007). From patriarchy to empowerment: Women’s participation, movements,

And rights in the Middle East, North Africa, and South Asia. United States: Syracuse University Press.

ورد، ع. (2009، كانون الثاني). المرأة في الجبال اللبنانية: معركة من أجل التنوير. المنتدى الدولي للدراسات النسائية، 32(5)، 388-394.

A+
A-
share
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
10 كانون الأول 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
10 كانون الأول 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد