في أواخر عام 2017، عهدت رئاسة مجلس الوزراء إلى الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بمهمة وضع خطة عمل وطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1325المتعلق بالمرأة والسلام والأمن. عاقِدة العزم لاعتماد نهج تشاركي وشامل للوفاء بمهمتها الجديدة، شكّلت الهيئة لجنة توجيهية خاصة بالقرار تشمل ممثلين عن الحكومة والمجتمع المدني، وترأستها وكلّفتها بمهمة وضع خطة وطنية شاملة حول القرار 1325 وتتناول أولويات لبنان. إضافة إلى ذلك، عقدت الهيئة عدة جولات من المشاورات مع أصحاب المصلحة الرئيسيين على المستويين المحلي والوطني لتطوير تدخلات قابلة للقياس وفقاً للأولويات الاستراتيجية الواردة في خطة العمل الوطنية.
وعلى هذا النحو، وبالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، قامت الهيئة بصياغة مسودة خطة عمل وطنية حول القرار 1325 وذلك من خلال التوصل إلى توافق في الآراء حول التدخلات والأولويات الاستراتيجية، مع تطوير إطار عمل للرصد والتقييم من أجل تقييم التقدم المحرز على صعيد خطة العمل الوطنية.
وتشمل خطة العمل الوطنية المقتَرحة والخاصة بلبنان حول القرار 1325 خمس أولويات استراتيجية تم تعريفها والاتفاق عليها على النحو التالي:
1- زيادة مشاركة المرأة في عملية صنع القرار على كافة المستويات: في قطاعي الأمن والدفاع وفي الحياة السياسية والعامة وفي الاقتصاد كما وفي المفاوضات والوساطات من أجل السلام؛
2- إشراك المرأة في عمليات منع نشوب النزاعات بما في ذلك رفع مستوى الوعي حول حقوق الإنسان والتسامح؛
3- مكافحة العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي وحماية النساء والفتيات منه عبر آليات تنسيق قوية بين مختلف المؤسسات الوطنية للاستجابة بشكل فعّال للعنف القائم على النوع الاجتماعي؛
4- دمج احتياجات النساء ومقارباتهن في كافة جهود الإغاثة والإنعاش؛
5- تعديل القوانين والسياسات بغية العمل على تعزيز الأولويات المذكورة أعلاه وتبنّيها وتطبيقها.
وقد أدّت مشاركة كما وإشراك كافة أصحاب المصلحة والشركاء في عملية تطوير خطة العمل الوطنية طوال عملية إعدادها، إلى تعميق التبني الوطني للخطة، ذلك إضافة إلى التزام كل من الحكومة والمجتمع المدني بتنفيذها بالكامل. وبناءً على ذلك، شرعت بعض الجهات الحكومية بعملية تنفيذ الأنشطة ضمن نطاق عملها، حتى قبل المصادقة الحكومية النهائية على الخطة.
ومع ذلك، فقد أظهرت التجارب السابقة أن الإرادة السياسية للحكومات تبقى غير كافية للتنفيذ السليم لأي خطة عمل وطنية في غياب الإمدادات المالية؛ فالحكومات تجاهد وفي نهاية المطاف تفشل في مهمتها المتمثلة في الوفاء بالتزامها في حال لم يتم تأمين الأموال اللازمة لهذا الغرض.
وفي ضوء الأزمة المالية التي يمر بها لبنان، يكمن التحدي الرئيسي للتنفيذ الناجح لخطة العمل الوطنية حول القرار 1325 في تمويل تدخلاتها عبر الأولويات الاستراتيجية الخمس.
ومن أجل تخطي هذا التحدي ومدّ خطة العمل الوطنية بفرص النجاح المُثلى عبر ضمان تنفيذها بفعالية وفي الوقت المناسب، عملت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على قيادة عملية تشاركية بامتياز لاحتساب تكاليف خطة العمل الوطنية حول القرار 1325وذلك بهدف مساعدة الحكومة على رسم صورة شاملة لالتزاماتها المالية المستقبلية، وتشجيع المجتمع الدولي على تمويل الأنشطة التي تندرج ضمن تفويضات الدول وخططها الاستراتيجيات لمساعدة لبنان.
لا شك أن خطة العمل الوطنية الرباعية هذه ستمهّد الطريق إلى لبنان ينعم بالسلم والاستقرار، ويتعزّز فيه السلام والأمن من خلال المشاركة المتزايدة للمرأة في مجالات السياسة والأمن والدفاع كما وفي المفاوضات والوساطات من أجل السلام؛ ويتم فيه تحقيق المساواة بين الجنسين من خلال منح النساء والرجال حقوقاً وفرصاً متساوية تماماً.