شباب ضائع والإنقاذ في التدريب في اليونيسف
كم من حالات اجتماعية محزنة نسمع عنها «شاب في مقتبل العمر أشبع جسده بالسمّ الأبيض فضاع مستقبله ولم يجد من يمدّ له يد الإنقاذ»، إلى أن جاء اليوم من يدرّبه على مواجهة واقعه بحزم في أخذ القرار، ويعزّز فيه الثقة في النفس، والتمييز بين الصحّ والخطأ ولكن كيف؟ وما هي الوسائل المتّبعة للتدريب؟
أمام ذلك كان لا بدّ من زحمة مشاريع وورش عمل تصبّ بهدف واحد، وهو مساعدة جيل اليوم لكي يكون رشيد نفسه. هذا ما قدّمته المسؤولة في برنامج الشباب في اليونسيف، عبير بو زكي، التي اعتبرت: «أنّ الصحّة النفسيّة تأتي ضمن المهارات الصحيّة، وهي حقّ من حقوق الشباب، ومن التزامتنا دعمهم نفسيّاً لمواجهة القرارات الصعبة، من خلال تزويدهم بالمهارات بهدف الوصول إلى جيل واعٍ محصّن نفسيّاً. هذا ما تسعى إليه اليونيسف في دعم المشاريع التي تعنى بالصحّة النفسيّة للشباب بالتنسيق مع وزارتي التربية والصحّة، والأمم المتّحدة، والجمعيّات المعنيّة في هذا الخصوص، كون الشباب من عمر عشر سنوات وما فوق، وهي الفئة العمريّة المستهدفة في برامجنا، يحتاجون إلى تمكين مهاراتهم الذاتيّة في أخذ القرار الصائب، ومتى يقولون «لا» في حال تمّ تعرّضهم إلى اغراءات، ومنها على سبيل المثال التدخين أو النارجيلة. إذ نعمل على حضّهم على رفضها باظهار سيّئاتها، والتركيز على الرياضة من أجل التنمية، وأنشطة الدعم الاجتماعي، وتعزيز المهارات لإخراج الطاقة السلبيّة والحثّ على التفكير الإيجابي من خلال تطوير المهارات الشخصيّة، عن طريق تعزيز التواصل سواءً مع الأهل، أم الإدارة في المدرسة لتفهّم ما يمرّ به المراهق وكيفية التعامل معه من دون رمي السلبيّات عليه، كون هذه الفئة العمرية تصاب بهذه الفترة باحباط نفسيّ، وتحتاج لمن يدعمها ويحصّنها نفسيّاً ويسمعها، لكي تكوّن شخصيّتها على أساسٍ صلب، ممّا يساعدها على التعبير عن مشاعرها من خلال تزويدها بمهارات تجعلها تأخذ القرار السليم».
التربية في الصحّة النفسيّة
في المقلب الآخر، كون التربية هي الأساس في تدريب التلميذ بمعترك الحياة، فكان لا بدّ من تحصينه منذ صغر سنّه لكي يكون صاحب القرار في أيّة مشكلة تعترضه. وهذا ما شرحته باسهاب المسؤولة عن برنامج الصحّة المدرسيّة في وزارة التربية، صونيا نجم، التي قالت: «إنّ مفهوم الوقاية لا يرتكز فقط على المعلومات العلميّة، بل على المهارات. فعلى سبيل المثال إذا قلنا للتلميذ إنّ التدخين يضرّ، علينا أن نسلِّحه بالمهارات الحياتيّة لكي يكون لديه تفكير ناقد يتأكّد من خلاله أنّ التدخين ليس جيّداً وعليه بالتالي أخذ القرار الصائب، ويعرف متى يقول «لا» خصوصاً إذا تعرّض لابتزاز من رفاقه بعبارة "إذا لم تدخّن مثلنا النارجيلة لا تكون من فريقنا»، وهنا علينا مساعدته في اتخاذ القرار السليم، وكيفيّة مواجهة المشاكل في ايجاد الحلول لها من خلال التفكير الناقد لديه، وبالتالي الترفّع عن المشاكل النفسيّة في أية مشكلة يواجهها. لذلك نسعى في التركيز على التدريب على المهارات الحياتيّة حسب الأعمار، ومن الأفضل أن نبدأ مع الأصغر سنّاً من عمر الروضة وأقلّ من عشر سنوات. فصحيح أننا لا نستطيع تدريبه على التفكير الناقد، بل علينا في هذا العمر توجيهه في المحافظة على الحميميّة الخاصّة به في حال لمس أيّ شخص أعضاءه التناسليّة، يعرف كيف يدافع عن نفسه، كما وأنّه علينا أن نحميه من المشاكل النفسيّة في حال تعرّض للاعتداء الجنسي. كما وفي حال كشف طبيب المدرسة على التلاميذ وتبيّن أنّ أحداً منهم وجد عليه أيّ من الجروحات، عندها علينا التحقّق من ذلك، إمّا أن يكون تعرّض للعنف أم للضرب سواء في المنزل أم خارجه، ممّا يجعلنا نلجأ الى المرشد الصحّي لتحصينه بالتوجيه التربوي الصحيح».
المهارات ضمن استراتيجية
«من صلب عملنا تعزيز الصحّة النفسيّة للشباب» بهذه العبارة تحدّثت مديرة جمعية العناية الصحيّة، ناديا بدران، عن نشاطات داعمة لتحصين الشباب نفسياً وتزويدهم بالمهارات، كون ذلك يعزّز فيهم قوّة المواجهة بحزم عند أيّة عقبة تعترضهم: «عملنا فيه تحدٍّ وطني لإبراز مثلاً أهميّة الرياضة كطريقة لتحسين الصحّة النفسيّة عند الشباب خصوصاً الذين يعانون التمييز والوصمة، أو الذين يعانون من أوضاع صحيّة معيّنة. وسنبدأ بمشروع جديد في مساعدة التلاميذ في المدارس بهدف تحصينهم نفسياً، بالتركيز على أهمية دور الأهل والمدرسة في هذا المضمار. كما سنعمل على خطّة وطنيّة تتبنّاها وزارة الصحّة ضمن استراتيجية وطنيّة للصحّة النفسيّة، مدرجة ضمن برامج عمل. كما خصّصنا في المقابل نشاطاً من الدردشة مع الشباب للتحدّث معهم عن مواضيع متعدّدة منها المخدرات كونها تؤثّر على الصحّة النفسيّة».
وأخيراً، مع أهمية تحصين شباب اليوم بالمهارات النفسيّة والاجتماعية لمواجهة إغراءات الحياة، عسى أن نجد لهم الدعم الفعليّ قولاً وفعلاً من قبل المعنيّين لتكون الحركة بركة !