ومن المروع أن نلاحظ أنّه على الرغم من قانون حريّة تداول المعلومات في المؤسسات العامة، لم تنشر وزارة العمل ولا وزارة الشؤون الاجتماعية إلى أيّة إحصاءات على الإطلاق، ولو جزئيّاً، عن عدد الفتيان والفتيات الصغار، الذين يتمّ إطلاقهم بين السيارات في أوقات الذروة، ويعرضون السلع المتنوّعة بأسعار تتحدّى المنافسة، وهي سلع غالباً ما يكون حتّى مصدرها غير معروف.
هل سبق أن فكّرت السلطات العامة في التحقيق في هوية الأشخاص أو الأجهزة التي تستغلّ من دون عقاب هؤلاء القاصرين غير الملتحقين بالمدارس، المرميّين في الشوارع لاستجداء شفقة المواطنين؟ هل نعرف مثلاً أنّ هناك شبكات فعليّة منظّمة ضمن عصابات المافيا بهدف جمع الأموال لصالح اقتصاد موازٍ مجهول؟
بعد أن أصبحت الدولة اللبنانية بطلة لجميع فئات التهاون في مواجهة القوانين غير المنفّذة، تغاضت عن الكثير من الخروقات لقانون العمل. فمنذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و 1990، تصاعدت عمالة الأطفال، التي كانت محدودة حتى ذلك الحين. إذ يعمل أكثر من 10% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 17 عاماً، ممّا يصنّف هذا البلد في أسفل مرتبة في الشرق الأوسط.
وفي حين أنّ البلد ليس في أسوأ الظروف، فإنّ الكثير من الأطفال يجبرون على العمل لمساعدة أسرهم. ويعمل العديد من الفتيان في الأعمال الزراعية أو المعدنية أو النجارة، وظروف عملهم قاسية ويكدحون في العمل مقابل أجر بائس. ومع أنّ لبنان وقّع على اتفاقية منظّمة العمل الدولية بشأن عمل الأطفال، إلّا أنّه يفتقر إلى الوسائل اللازمة لتنفيذ أحكامها.
وهذا ناهيك عن أطفال اللاجئين السوريين الذين كثيراً ما يوظّفهم اللبنانيون ويعرّضونهم لظروف معيشيّة بائسة مقابل أجر زهيد.
وكم من إصلاحاتٍ تقتضي على أمل إخراج لبنان من الهوّة! ورجاءٌ تلوَ الرجاءِ، والبلاد تحتضر يأساً…