كانت اتفاقية حقوق الطفل إنجازًا تاريخيًا. وللمرّة الأولى، اعترفت الحكومات صراحةً بأنّ الأطفال يولدون بحقوق. ولهم الحقّ في الحصول على معايير نوعيّة في الصحّة والتغذية، وفي المياه النظيفة والصرف الصحّي، وفي الحصول على مقعد في الفصل الدراسي، وأن يكونوا آمنين في منازلهم ومجتمعاتهم. ولديهم أيضاً الحقّ في التعبير عن آرائهم وحقّ الإصغاء إليهم.
وقد صدّق لبنان على اتفاقية حقوق الطفل في العام 1990، وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، تحسّن وضع الفتيان والفتيات والشباب بشكلٍ كبير في مجال القانون والممارسة. ومن الأمثلة على ذلك، إنشاء المجلس الأعلى للطفولة في العام 1994 الذي يعنى برعاية الطفل ونموّه وفقاً للاتفاقيات الدولية، والإلتزام مؤخراً باللّقاحات المجّانية في جميع المراكز والمستوصفات الصحيّة، وإطلاق الإطار الوطني للتعليم غير النظامي في لبنان العام الماضي.
وقد قدّمت الأمم المتحدة في لبنان، بما في ذلك اليونيسف (UNICEF) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، الدعم للبنان لتحقيق هذه الأهداف. ونحن نواصل العمل من أجل تقدّم الفتيات والفتيان والشباب ضمن إطار إتفاقية حقوق الطفل وخطّة التنمية المستدامة لعام 2030، مع مواصلة الإلتزام بأنّ كلّ طفل متاحٌ له كلّ حقّ.
وبينما نحتفل بمرور 30 عاماً على إتفاقية حقوق الطفل، من المهمّ أيضاً أن نتطلّع إلى ما يجب فعله لمواصلة ترجمة الحقوق إلى واقع. فعلى الرغم من التقدّم الكبير الذي تمّ إحرازه على مدى العقود الماضية، لا تزال هناك تحدّيات هائلة تواجه 1.3 مليون طفل في لبنان. إذ لا يزال العديد منهم خارج المدرسة، ولا تتوفّر مياه الشرب الآمنة لكافة المجتمعات الضعيفة. وبينما تقوم أشكال العنف المتعدّدة بتحطيم آلاف الأطفال، لا تزال الفتيات والفتيان منخرطين بعمالة الأطفال، وتواجه العديد من الفتيات الزواج المبكر، ونسبة عالية من الشباب لا يتعلّمون أو عاطلين عن العمل. وفي الوقت نفسه، وخلال الأسابيع القليلة الماضية، كان الأطفال والشباب يجتمعون في مختلف أنحاء لبنان لإطلاق الصوت من أجل مستقبل يلبّي طموحات جيلهم.
وفي حين تتطلّع الحكومات إلى الوفاء بالتزاماتها، فإنّنا نحثّها على وضع الأطفال والشباب في المقام الأوّل. إذ إنّ أفضل سبيل نحو مستقبلٍ أفضل وأكثر إستدامة للجميع هو الإستثمار في كلّ الأطفال والشباب اليوم.
وفي جميع أنحاء العالم، وفي لبنان، يرفع الأطفال والشباب الصوت ويطالبون بحقوقهم كما لم يحدث من قبل. يجب أن نأخذ زمام المبادرة منهم. وعلينا أن نتصّرف الآن - بجرأة وعزم.