رؤية ألوان السماء

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 13 كانون الأول 19 3 دقائق للقراءة
رؤية ألوان السماء
© يونيسف
نشأت في مزرعة وتعلّمت في وقتٍ مبكر ربط ألوان السماء بالطقس المحلّي. بدءًا من كلّ ظلال اللون الأزرق ووصولاً إلى كلّ تغيّرات اللون الرمادي، كانت مجموعة الألوان هذه مؤشّراً واضحًا للعواصف، والأمطار، والطقس الحارّ أو البارد. أمّا اليوم، فإنّ تواتر الأيام الغائمة والضباب الدخاني يجعل الرؤية رديئة، وبالتالي فإنّ الصلة بين السماء والطقس لم تعد واضحة.
إنّ تزايد أيام الضباب الدخاني هو نتيجة ارتفاع معدّلات التلوّث وتغيّر المناخ. والضباب الدخاني هو مزيج من كلمتين: الدخان والضباب. وتصف كلمة الضباب الدخاني بدقّة كيف يتداخل الدخان مع الضباب لإنتاج جوّ أصفر أو أسود مع رؤية ضعيفة. ويتكوّن الضباب الدخاني من مزيج من الملوّثات (مثل الجسيمات الدقيقة) والغازات الضارّة (مثل الأوزون وثاني أكسيد النيتروجين) إلى جانب الغبار أو السخام وبخار الماء. وإنّ مزيج الهواء السامّ هذا يجعل التنفّس صعبًا.
والأطفال معرّضون بشكلٍ خاصّ لآثار تلوث الهواء لأنهم (1) يعيشون على مقربة من سطح الأرض حيث يبلغ تركيز الملوّثات ذروته و(2) يتنفّسون بسرعة أكبر من البالغين. وبذلك فإنّهم يمتصّون المزيد من الملوّثات التي تؤثّر على نمو الرئتين، وتسبّب ربو مزمن، وتسرّع تطوّر سرطان الأطفال. وفي وقت لاحق من الحياة، قد يؤدّي التعرّض المستمرّ لتلوّث الهواء إلى خطورة أكبر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة.
وينتج الدخان من الوقود المحترق في السيارات، ومولّدات الديزل، والدرّاجات الناريّة، ومحرّكات السفن، والمداخن، والحرائق. ونظراً لسمِّيتها بالنسبة إلى جميع الكائنات الحيّة على كوكب الأرض، فإنّ الانبعاثات من هذه المصادر تخضع لتنظيم رقابي شديد في معظم البلدان المتقدّمة. أمّا في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسّط، فلا توجد رقابة كافية على هذه الانبعاثات، ممّا يؤدّي إلى زيادة كبيرة في حالات الإصابة بالأمراض والوفيّات. والواقع أنّ أكثر من 80% من الأمراض التي تنتج من تلوّث الهواء يتمّ الإبلاغ عنها في البلدان النامية.
ويضاف إلى ارتفاع معدلات الانبعاثات من مصادر الاحتراق انخفاض كميّة الأمطار التي شهدناها في السنوات العشر الماضية. فقد أصبح شتاؤنا أقصر، وصيفنا بالتأكيد أطول وأكثر حرارة، مع تزايد في الذروات الحرارية. كما وأنّ آثار الطقس الجاف المقترنة بارتفاع درجات الحرارة مضرّة. وهي تشمل تسرّب المياه المالحة، وجفاف طبقات المياه الجوفية، ونقل الغبار من أسطح التربة الجافة، وزيادة تواتر العواصف الصحراوية والحرائق.
فعندما يؤدّي فصل الشتاء القصير إلى انخفاض الإمدادات، فإنّ استنزاف المياه الجوفيّة العذبة بضخّها من الآبار إلى السطح هو الذي يؤدّي إلى تسرّب مياه البحر إلى الداخل لاستبدالها. وتسمّى هذه العملية تسرّب المياه المالحة. وهي مشكلة في المناطق الساحليّة المكتظّة بالسكّان مثل لبنان، حيث تجاوزت مستويات المياه المالحة في طبقات المياه الجوفية والآبار المحفورة 1000 جزء في المليون في بعض المناطق. ولابدّ من أن تظلّ مستويات الملح في المياه العذبة أقلّ من 300 جزء في المليون لتكون غير ضارة بالإنسان والحيوان والمحاصيل.
إنّ الأنهار تجفّ، مما يؤثّر على معيشة العديد من المزارعين الذين أجبروا على التخلّي عن محاصيلهم. زادت الأراضي الجافة من عدد حرائق الغابات ومدّتها وشدّتها. ولقد شهدنا مثالاً مرعباً للحرائق الشديدة في جميع أنحاء البلاد في الأيّام القليلة الماضية في لبنان.
وفي خضمّ كلّ هذه التحدّيات، يقترن بقاؤنا في المنطقة بالحاجة الماسّة إلى التكيّف.
نحن، في مركز حماية الطبيعة في الجامعة الأميركية في بيروت اعتمدنا نهجاً تشاركياً عاماً للعمل مع السكّان المحليّين ولأجلهم لاتّخاذ تدابير التكيّف المناسبة: (1) برامج إعادة التحريج تشجّع زراعة النباتات، والشجيرات، والأشجار المقاومة للجفاف والحرائق، (2) مشاريع علميّة تشاركية للمواطنين لاختبار تلوّث المياه والهواء والتربة وتخفيفه، (3) حماية المحميّات الطبيعيّة والمواقع الثقافيّة، و(4) برامج تثقيفيّة وتوعويّة لدعم أفضل الممارسات البيئية في المدارس، والبلديات، والمنظّمات المحليّة.
نحن نأمل أن نكشف الألوان الطبيعية لسمائنا، وبحرنا، ومناظرنا الطبيعيّة، حتى يتسنّى لأطفالنا النظر حولهم والإستلهام من التحوّلات الجميلة والتغيّرات الغنيّة بالألوان التي توفّرها الطبيعة.
A+
A-
share
كانون الأول 2019
أنظر أيضا
13 كانون الأول 2019
13 كانون الأول 2019
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
10 كانون الأول 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
10 كانون الأول 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد