مقاتلو‭ ‬الحرب يوثِّقون‭ ‬تاريخ‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬سلام

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 كانون الأول 16 7 دقائق للقراءة
في‭ ‬خطوة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تقريب‭ ‬المسافات‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬الأجيال،‭ ‬أتى‭ ‬الموقع‭ ‬الالكتروني‭ ‬لجمعية‭ ‬‮«‬محاربون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬لينطق‭ ‬بلسان‭ ‬من‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬ويوثِّق‭ ‬تاريخ‭ ‬لبنان‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬معظم‭ ‬الأفرقاء‭ ‬اللبنانيين‭ ‬مختلفين‭ ‬عليه،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬إصدار‭ ‬كتاب‭ ‬موحّد‭ ‬له‭ ‬لغاية‭ ‬الآن‭. ‬
هذه‭ ‬التجربة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬العصر،‭ ‬إلّا‭ ‬أن‭ ‬أهميتها‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬مقاربتها‭ ‬الجديدة‭ ‬لموضوع‭ ‬دقيق‭ ‬وحسّاس‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬والمنطقة‭ ‬وهو‭ ‬الحرب‭ ‬والسلم‭ ‬الأهلي،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬حروب‭ ‬أهلية‭. ‬ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬وصول‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬يتمكن‭ ‬خلالها‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬تجربته‭ ‬كمشارك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬والدروس‭ ‬التي‭ ‬تعلمها،‭ ‬يُعتبر‭ ‬خطوة‭ ‬فريدة‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬تروي‭ ‬تحوّله‭ ‬من‭ ‬‮«‬محارب‭ ‬في‭ ‬الحرب‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬محارب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‮»‬‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬جمع‭ ‬شهادات‭ ‬عدّة‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة‭ ‬عبر‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬الذي‭ ‬سيتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬منصة‭ ‬تفاعلية،‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الاتجاهات‭ ‬والانتماءات،‭ ‬كفيل‭ ‬برسم‭ ‬صورة‭ ‬لتاريخ‭ ‬الحرب،‭ ‬ولما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬عليه‭ ‬المستقبل‭ ‬إذا‭ ‬تكرّرت‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬في‭ ‬الحاضر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التعلّم‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬الماضي‭.‬
‮«‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬المعرفة‭ ‬بات‭ ‬أمراً‭ ‬سهلاً‭ ‬مع‭ ‬تعدّد‭ ‬الوسائل‭ ‬المتاحة،‭ ‬إنما‭ ‬الصعوبة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‮»‬،‭ ‬يقول‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬محاربون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬والمحارب‭ ‬السابق،‭ ‬زياد‭ ‬صعب‭. ‬ويؤكد‭: ‬‮«‬نعمل‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬اللبنانيين‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬توجهاتهم،‭ ‬وتقديم‭ ‬تجربتنا‭ ‬التي‭ ‬استطعنا‭ ‬خلالها‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬‮«‬مقاتلين‭ ‬في‭ ‬الحرب‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مقاتلين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬مستندين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬اللقاءات‭ ‬المباشرة‭ ‬التي‭ ‬نعقدها‭ ‬مع‭ ‬التلاميذ‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والتي‭ ‬وصل‭ ‬عددها‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬ونصف‭ ‬السنة‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬85‭ ‬جلسة‭ ‬التقينا‭ ‬فيها‭ ‬مع‭ ‬6‭ ‬آلاف‭ ‬طالب‭. ‬وإطلاق‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يسرِّع‭ ‬إيصال‭ ‬الرسالة‭ ‬إلى‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬كما‭ ‬يسمح‭ ‬بالتواصل‭ ‬مع‭ ‬أصحاب‭ ‬تجارب‭ ‬مماثلة‮»‬‭.‬
‮«‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬‭(‬http‭://‬fightersforpeace.org‭/)‬‭ ‬الذي‭ ‬سبقته‭ ‬حسابات‭ ‬للجمعية‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يكسر‭ ‬الحاجز‭ ‬بين‭ ‬المقاتلين‭ ‬القدامى‭ ‬وأي‭ ‬مواطن‭ ‬لبناني‭ ‬سيرى‭ ‬في‭ ‬تجربتهم‭ ‬توثيقاً‭ ‬أو‭ ‬تأريخاً‭ ‬للحرب،‭ ‬كما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يُغنِي‭ ‬التجربة،‭ ‬ويوسِّع‭ ‬دائرة‭ ‬العارفين‭ ‬بها‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬القاطنين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬إنما‭ ‬أيضاً‭ ‬المغتربين‭ ‬وكذلك‭ ‬لدول‭ ‬العالم،‭ ‬وضمنها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬نطمح‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬منطلقاً‭ ‬لتجارب‭ ‬مماثلة‭ ‬فيها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬تضربها‭ ‬اليوم‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬تقول‭ ‬كريستينا‭ ‬فورش،‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬محتوى‭ ‬الموقع‭ ‬الذي‭ ‬تأسس‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬بناء‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الانمائي،‭ ‬والسفارة‭ ‬النروجية‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المنصة‭ ‬تعتبر‭ ‬بمثابة‭ ‬بطاقة‭ ‬تعريف‭ ‬عن‭ ‬الجمعية‭ ‬و«محاربيها‮»‬‭ ‬الـ‭ ‬25،‭ ‬وهي‭ ‬تسعى‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬لاحقة،‭ ‬لأن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬منصة‭ ‬مفتوحة‭ ‬للجميع،‭ ‬توفر‭ ‬منبراً‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يرغب‭ ‬برواية‭ ‬ذكرياته‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬مقاتلاً،‭ ‬أم‭ ‬متطوعاً،‭ ‬أو‭ ‬مسعفاً،‭ ‬أو‭ ‬مواطناً‭ ‬عادياً،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬انتمائه‭ ‬السياسي‭ ‬والمناطقي‭ ‬والديني‭.‬
وتضيف‭: ‬‮«‬الموقع‭ ‬مشروع‭ ‬قيد‭ ‬التطوير،‭ ‬ونريده‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬أداة‭ ‬نستخدمها‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬توثيق‭ ‬الذاكرة‭ ‬الجماعية‭ ‬للحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬كتاب‭ ‬تاريخ‭ ‬موحّد،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬مختلف‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬والمقاربات‭ ‬والروايات‮»‬،‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬يبقى‭ ‬‮«‬عرض‭ ‬تجارب‭ ‬التغيير‭ ‬وليس‭ ‬الترويج‭ ‬للعنف‮»‬‭. ‬
من‭ ‬جهته،‭ ‬يرى‭ ‬صعب‭ ‬أن‭ ‬‮«‬غنى‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬واحدة‭ ‬نتيجة‭ ‬تنوُّع‭ ‬توجهات‭ ‬المحاربين،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬كتاب‭ ‬تاريخ‭ ‬موحد‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬يتطلب‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬‮«‬منطق‭ ‬موحّد‮»‬‭ ‬لكتابته‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬محايدة،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬شهادات‭ ‬كهذه‭ ‬لمحاربين‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬اللبنانية،‭ ‬ومسيرة‭ ‬التغيير‭ ‬التي‭ ‬خضعوا‭ ‬لها،‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬ترِد‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬كتاب‭ ‬للتاريخ‮»‬‭. ‬
وفي‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬صعب‭ ‬أن‭ ‬موقعهم‭ ‬كـ‭ ‬‮«‬محاربين‭ ‬سابقين‮»‬‭ ‬يضعهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الشباب‭ ‬أمام‭ ‬تحدي‭ ‬كسر‭ ‬صورة‭ ‬المقاتلين‭ ‬النمطية‭ ‬والأحكام‭ ‬المسبقة،‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب،‭ ‬وبعد‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬يتلقون‭ ‬الرسالة‭ ‬بإيجابية‭ ‬لافتة،‭ ‬ويتأثرون‭ ‬بها‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الكبار،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توعيتهم‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬يعيشونه،‭ ‬ومقارنته‭ ‬بالواقع‭ ‬المشابه‭ ‬الذي‭ ‬كنا‭ ‬قد‭ ‬عشناه‭ ‬قبل‭ ‬الحرب،‭ ‬وأدى‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬حمل‭ ‬السلاح‭ ‬وقتال‭ ‬الآخر،‭ ‬ودعوتهم‭ ‬بالتالي‭ ‬إلى‭ ‬تفادي‭ ‬أي‭ ‬مغامرة‭ ‬أو‭ ‬تجربة‭ ‬مماثلة‭.‬
ويوضح‭ ‬صعب‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬نحرص‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تقديم‭ ‬أنفسنا‭ ‬كأننا‭ ‬نملك‭ ‬الحقيقة‭ ‬إنما‭ ‬دورنا‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حثّ‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬البحث‭ ‬عنها‭ ‬بأنفسهم‭ ‬عبر‭ ‬زرع‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬عقولهم،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نلمس‭ ‬نتائجه‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تواصلنا‭ ‬مع‭ ‬الشباب‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل،‭ ‬وأخيراً‭ ‬عبر‭ ‬إطلاق‭ ‬الموقع‭ ‬التفاعلي‮»‬‮ ‬‭.‬
وفي‭ ‬ظل‭ ‬الانقسام‭ ‬العمودي‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬اللبناني،‭ ‬الحزبي‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬الطائفي،‭ ‬يلفت‭ ‬صعب‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬كان‭ ‬أشبه‭ ‬بناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬وأهمها‭ ‬المدارس‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬مديروها‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الجمعية‭ ‬لتنظيم‭ ‬لقاءات‭ ‬مع‭ ‬الطلاب،‭ ‬فعقدت‭ ‬جلسات‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬85‭ ‬مدرسة‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬ونص‭ ‬السنة‭ ‬علماً‭ ‬أن‭ ‬الخطة‭ ‬كانت‭ ‬تلحظ‭ ‬عقد‭ ‬35‭ ‬جلسة‮»‬‭.‬
وفي‭ ‬حين‭ ‬تشير‭ ‬فورش‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬قد‭ ‬يوثّق‭ ‬بوسائل‭ ‬عدّة‭ ‬تشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التوثيق‭ ‬عبر‭ ‬نقل‭ ‬المعاناة‭ ‬الشخصية‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الشخص‭ ‬المعني‭ ‬يبقى‭ ‬له‭ ‬وقعه‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬وعقول‭ ‬الناس،‭ ‬والشباب‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تحاول‭ ‬منصة‭ ‬‮«‬محاربون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬تقديمه‭.‬
وتضيف‭: ‬‮«‬هؤلاء‭ ‬المحاربون‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬سيرحلون‭ ‬إنما‭ ‬هذه‭ ‬الشهادات‭ ‬الحية‭ ‬ستشكل‭ ‬ذاكرة‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬وستبقى‭ ‬لأجيال‭ ‬لاحقة‭ ‬ليتعلموا‭ ‬ممن‭ ‬سبقوهم‮»‬،‭ ‬آملة‭ ‬‮«‬ألّا‭ ‬تقتصر‭ ‬هذه‭ ‬الدروس‭ ‬على‭ ‬اللبنانيين‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬تتعداهم‭ ‬إلى‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يشهد‭ ‬بدوره‭ ‬حروباً‭ ‬أهلية‭ ‬واقتتالاً‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬البلد‭ ‬الواحد‮»‬‭.‬
وتؤكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هذه‭ ‬المنصة‭ ‬ستكون‭ ‬مفتوحة‭ ‬للجميع‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬توجهاتهم‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬السياسة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬منحازة‭ ‬لجهة‭ ‬دون‭ ‬أخرى،‭ ‬او‭ ‬مسيّسة‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬سيتم‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬هي‭ ‬شخصية‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الاتهامات‭ ‬للاحزاب‭ ‬او‭ ‬السياسيين‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬الطوائف،‭ ‬لأن‭ ‬الهدف‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬التوعية‭ ‬على‭ ‬نبذ‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬حلاً‭ ‬لأي‭ ‬مشكلات‮»‬‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إليه‭ ‬صعب‭ ‬بقوله‭ ‬‮«‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬إيصالها‭ ‬للمجتمع،‭ ‬ونحن‭ ‬كمحاربين‭ ‬سابقين‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بخمسة‭ ‬أشخاص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أصبحنا‭ ‬اليوم‭ ‬25‭ ‬شخصاً‭ ‬نشكّل‭ ‬نموذجاً‭ ‬واضحاً‭ ‬لهذا‭ ‬الاختلاف،‭ ‬وما‭ ‬كنا‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬لجهة‭ ‬اختلاف‭ ‬انتماءاتنا‭ ‬الحزبية‭ ‬ومعتقداتنا‭ ‬التي‭ ‬حاربنا‭ ‬لأجلها،‭ ‬وعدنا‭ ‬اليوم‭ ‬لنجتمع‭ ‬تحت‭ ‬عقيدة‭ ‬واحدة‭ ‬وأساسية‭ ‬هي‭ ‬رفض‭ ‬العنف‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أننا‭ ‬بتنا‭ ‬نفكر‭ ‬عقائدياً‭ ‬وسياسياً‭ ‬بطريقة‭ ‬واحدة،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الاختلاف‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬خلافاً،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬واقعنا‭ ‬الحالي‭ ‬اليوم،‭ ‬وما‭ ‬نحاول‭ ‬إيصاله‭ ‬للشباب‭ ‬والمجتمع‭ ‬بأننا‭ ‬مهما‭ ‬اختلفنا‭ ‬يبقى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجمعنا‭ ‬وتبعدنا‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬والاقتتال‮»‬‭.‬



من‭ ‬واقع‭ ‬الاشتباكات‭ ‬العنيفة‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬قبل‭ ‬حوالي‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعوام‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬طرابلس‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬لبنان‭ ‬بين‭ ‬الطائفتين‭ ‬السنية‭ ‬والعلوية،‭ ‬وكأنها‭ ‬استرجاع‭ ‬للحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬اللبنانية‭ ‬التي‭ ‬دارت‭ ‬رحاها‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1975‭ ‬و1990،‭ ‬وبعدما‭ ‬ساد‭ ‬الخوف‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تتوسّع‭ ‬دائرة‭ ‬القتال‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬المناطق،‭ ‬وتجرّها‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬أخرى،‭ ‬قرر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قدامى‭ ‬المحاربين‭ ‬من‭ ‬فصائل‭ ‬سياسية‭ ‬ودينية‭ ‬مختلفة‭ ‬التجمّع‭ ‬واتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬برفع‭ ‬الصوت‭ ‬ضد‭ ‬العنف‭ ‬والعدائية،‭ ‬وأبصرت‭ ‬حينها‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬محاربون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬النور‭.‬
ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬مهمة‭ ‬‮«‬محاربون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬المنظمة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬محاربين‭ ‬سابقين‭ ‬من‭ ‬خلفيات‭ ‬سياسية‭ ‬ودينية‭ ‬واجتماعية‭ ‬مختلفة،‭ ‬على‭ ‬إشراك‭ ‬الشباب‭ ‬والناشطين‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬تسعى‭ ‬أيضاً‭ ‬وبشكل‭ ‬خاص،‭ ‬إلى‭ ‬ضم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المحاربين‭ ‬القدامى‭ ‬بغية‭ ‬بناء‭ ‬سلم‭ ‬أهلي‭ ‬مستدام،‭ ‬وإرساء‭ ‬مصالحة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭. ‬كما‭ ‬يؤكد‭ ‬‮«‬محاربو‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬تخطي‭ ‬حدود‭ ‬لبنان‭ ‬لدعم‭ ‬الدول‭ ‬المحيطة‭ ‬التي‭ ‬تمزقها‮ ‬‭ ‬أيضاً‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬والعنف،‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬فسوريا‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬المحاربين‭ ‬القدامى‭ ‬أضحوا‭ ‬محاربين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‭ ‬فهم‭ ‬يهدفون‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬قصصهم‭ ‬وتجاربهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنشاء‭ ‬مساحة‭ ‬تمكّن‭ ‬المحاربين‭ ‬السابقين‭ ‬من‭ ‬العثور‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬سبل‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬العنف،‭ ‬وتحقيق‭ ‬سلام‭ ‬داخلي،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬المحلية‭.‬
ويتمحور‭ ‬عمل‮ ‬‭ ‬الجمعية‭ ‬حول‭ ‬بناء‭ ‬السلام‭ ‬والتماسك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمصالحة‭ ‬من‭ ‬خلال‭:‬
‭- ‬زيارة‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬ومخيّمات‭ ‬اللاجئين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مؤسّسات‭ ‬أخرى‭ ‬وإجراء‭ ‬جلسات‭ ‬نقاش‭ ‬فيها‭.‬
‭- ‬إنشاء‭ ‬متحف‭ ‬إلكتروني‭ ‬يتضّمن‭ ‬شهادات‭ ‬لمحاربين‭ ‬قدامى،‭ ‬والمساهمة‭ ‬بالتالي‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬لبنان‭ ‬الجماعية‭.‬
‭- ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬مختارة‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭.‬
‭- ‬توفير‭ ‬مساحة‭ ‬آمنة‭ ‬للتفكير‭ ‬والتأمّل،‭ ‬وتقديم‭ ‬دعم‭ ‬نفسي‭ ‬واجتماعي‭ ‬للمحاربين‭ ‬القدامى‭.‬
‭- ‬تقديم‭ ‬تدريب‭ ‬حول‭ ‬بناء‭ ‬السلام‭ ‬والمصالحة‭.‬
‭- ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬مقاتلين‭ ‬حاليين‭ ‬وسابقين‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭.‬
A+
A-
share
كانون الأول 2016
أنظر أيضا
01 كانون الأول 2016
01 كانون الأول 2016
تحميل المزيد