الأحداث‭ ‬في‭ ‬لبنان‭: ‬تجاوزات‭ ‬وانتهاكات‭ ‬ في‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬نيل‭ ‬الحماية‭!‬

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 كانون الأول 16 6 دقائق للقراءة
‮«‬الحدث‭ ‬الذي‭ ‬يطبّق‭ ‬عليه‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ (‬قانون‭ ‬حماية‭ ‬الأحداث‭ ‬المخالفين‭ ‬للقانون‭ ‬أو‭ ‬المعرّضين‭ ‬للخطر‭) ‬هو‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الثامنة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬إذا‭ ‬ارتكب‭ ‬جرماً‭ ‬معاقباً‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬معرّضاً‭ ‬للخطر‭..‬‮»‬‭.‬
اعتاد‭ ‬وسيم‭ (‬اسم‭ ‬مستعار‭) ‬بيع‭ ‬أكياس‭ ‬المحارم‭ ‬عند‭ ‬تقاطع‭ ‬طرق‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬بيروت‭. ‬مهنته‭ ‬‮«‬المتواضعة‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬لم‭ ‬تمنع‭ ‬عنه‭ ‬تهديد‭ ‬صاحب‭ ‬المحل‭ ‬المجاور‭. ‬‮«‬إذا‭ ‬بتضلّك‭ ‬هون‭ ‬ح‭ ‬ابعتك‭ ‬ع‭ ‬الحبس‭!‬‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬الفتى‭ ‬كان‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬فرصة‭ ‬ليبيع‭ ‬أكثر،‭ ‬فلم‭ ‬يبارحه‭.‬
ذات‭ ‬يوم،‭ ‬وصل‭ ‬أحد‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭. ‬فهم‭ ‬وسيم‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬سينفَذ‭ ‬تهديده‭. ‬قرّر‭ ‬الهرب،‭ ‬لكن‭ ‬‮«‬الشرطي‮»‬‭ ‬كان‭ ‬أسرع‭ ‬منه‭. ‬عاجله‭ ‬بصفعة‭ ‬رمته‭ ‬أرضاً،‭ ‬ثم‭ ‬اقتاده‭ ‬بقبضة‭ ‬تمسك‭ ‬رقبته‭ ‬إلى‭ ‬شارع‭ ‬فرعي‭. ‬‮«‬ح‭ ‬آخدك‭ ‬ع‭ ‬المخفر‭ ‬يا‭ ‬حرامي‮»‬‭. ‬شتمه‭ ‬وهدّده،‭ ‬ثم‭ ‬صفعه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتركه‭ ‬وهو‭ ‬يصرخ‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬بشوفك‭ ‬هون‭ ‬بعد‭ ‬ح‭ ‬حطك‭ ‬بالحبس‮»‬‭!‬
في‭ ‬تطوّر‭ ‬افتراضي‭ ‬على‭ ‬قصة‭ ‬وسيم،‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقتاده‭ ‬رجل‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬المخفر،‭ ‬للتحقيق‭ ‬معه‭ ‬بتهمة‭ ‬ما،‭ ‬ثم‭ ‬يحيله‭ ‬بعدها‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة،‭ ‬فيصدر‭ ‬في‭ ‬حقه‭ ‬حكم‭ ‬بالسجن‭ ‬في‭ ‬جناح‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬‮«‬رومية‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الإصلاح‭ ‬في‭ ‬الفنار‭. ‬وقد‭ ‬يتّخذ‭ ‬القاضي‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أحد‭ ‬التدابير‭ ‬غير‭ ‬المانعة‭ ‬للحرية‭ ‬في‭ ‬حقه‭. ‬في‭ ‬حالة‭ ‬أخرى،‭ ‬كان‭ ‬القاضي‭ ‬سينظر‭ ‬في‭ ‬احتمال‭ ‬تعرض‭ ‬الحدث‭ ‬للخطر،‭ ‬ويقرر‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إجراءات‭ ‬حماية‭.‬
يمرّ‭ ‬الحدث‭ ‬الموقوف‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬إذاً‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬مختلفة،‭ ‬يحددها‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬422،‭ ‬الذي‭ ‬حرص‭ ‬المشرّع‭ ‬على‭ ‬تسميته‭ ‬بقانون‭ ‬حماية‭ ‬الأحداث،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬مخالفين‭ ‬للقانون،‭ ‬أم‭ ‬معرّضين‭ ‬للخطر‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المسارات‭ ‬تتعرض‭ ‬لانتهاكات‭ ‬وتجاوزات،‭ ‬بعضها‭ ‬يخالف‭ ‬القانون‭ ‬وبعضها‭ ‬يحتاج‭ ‬الحدّ‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬تعديلات‭ ‬وإجراءات‭ ‬جديدة‭.‬
 
 
إلى‭ ‬المخفر‭..‬
«‬الحدث‭ ‬الذي‭ ‬يخالف‭ ‬القانون‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬معاملة‭ ‬منصفة‭ ‬وإنسانية‭.. ‬ولا‭ ‬يتم‭ ‬حجز‭ ‬الأحداث‭ ‬مع‭ ‬الراشدين‮»‬‭.‬
تبدأ‭ ‬إجراءات‭ ‬ملاحقة‭ ‬حدث‭ ‬مخالف‭ ‬للقانون‭ ‬باقتياده‭ ‬إلى‭ ‬المخفر‭ ‬مكبّل‭ ‬اليدين‭. ‬وهذا‭ ‬مخالف‭ ‬لاتفاقية‭ ‬حقوق‭ ‬الطفل،‭ ‬بحسب‭ ‬الوزيرة‭ ‬السابقة‭ ‬منى‭ ‬عفيش،‭ ‬وهي‭ ‬رئيسة‭ ‬مؤسّسة‭ ‬‮«‬الأب‭ ‬عفيف‭ ‬عسيران‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬تأهيل‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬‮«‬سجن‭ ‬رومية‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬التجاوزات‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فالحدث‭ ‬عند‭ ‬توقيفه‭ ‬يتعرض‭ ‬للضرب‭ ‬وللإساءة‭ ‬أحياناً،‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المخفر،‭ ‬كما‭ ‬يشير‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬شؤون‭ ‬الأحداث‭ ‬وحقوق‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬نقابة‭ ‬المحامين‭ ‬عمر‭ ‬اسكندراني‭.‬
وفيما‭ ‬يؤكد‭ ‬اسكندراني‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬422‭ ‬يطبّق‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬بغضّ‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الجنسية،‭ ‬تلفت‭ ‬إحدى‭ ‬الناشطات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬رصد‭ ‬الانتهاكات‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين،‭ ‬إلى‭ ‬تجاوزات‭ ‬تقع‭ ‬خارج‭ ‬سياق‭ ‬القانون‭. ‬فالحدث‭ ‬السوري،‭ ‬يعامل‭ ‬بوصفه‭ ‬الحلقة‭ ‬الأضعف،‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬طريقة‭ ‬تعامل‭ ‬بعض‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬تعامل‭ ‬الموقوفين‭ ‬الآخرين‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬السجن‭.‬
في‭ ‬المخفر،‭ ‬منع‭ ‬القانون‭ ‬إجراء‭ ‬تحقيق‭ ‬مع‭ ‬الحدث‭ ‬الموقوف،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬مندوب‭ ‬اجتماعي،‭ ‬حماية‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬التعنيف‭ ‬أو‭ ‬التخويف‭. ‬وأعطى‭ ‬القانون‭ ‬مهلة‭ ‬أقصاها‭ ‬ست‭ ‬ساعات‭ ‬لحضوره‭. ‬لكن،‭ ‬بانتظار‭ ‬المندوب،‭ ‬يُودع‭ ‬الحدث‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬الاحتجاز،‭ ‬برفقة‭ ‬الراشدين‭ ‬الموقوفين‭ ‬بشتّى‭ ‬التهم،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬يحظّر‭ ‬ذلك،‭ ‬بحسب‭ ‬اسكندراني‭.‬
ومخالفة‭ ‬القانون‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬هنا‭. ‬أحياناً،‭ ‬تقول‭ ‬عفيش،‭ ‬لا‭ ‬يحضر‭ ‬المندوبون‭ ‬في‭ ‬المهلة‭ ‬المحددة،‭ ‬بسبب‭ ‬النقص‭ ‬في‭ ‬أعدادهم‭. ‬حينها‭ ‬قد‭ ‬يتجاوز‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬التحقيق‭ ‬الشروط‭ ‬المفروضة،‭ ‬ويقوم‭ ‬بإجراء‭ ‬التحقيق‭ ‬الأوليّ‭ ‬مع‭ ‬الحدث‭ ‬الموقوف‭ ‬بمفرده‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬النقص‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬المندوبين‭ ‬لا‭ ‬يبرر‭ ‬ذلك،‭ ‬فالمادة‭ ‬47‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬المحاكمات‭ ‬الجزائية‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬موقوف‭ ‬الحق‭ ‬بالاتصال‭ ‬بأحد‭ ‬عائلته‭ ‬وحضور‭ ‬محامٍ‭ ‬يختاره‭.‬
في‭ ‬تسلسل‭ ‬الإجراءات‭ ‬المفترضة،‭ ‬ينتهي‭ ‬التحقيق‭ ‬الأولي‭ ‬بالاتصال‭ ‬بالمدعي‭ ‬العام‭. ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬مدعين‭ ‬متفرغين‭ ‬بقضايا‭ ‬الأحداث‭ ‬يعني‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التأخير‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬لم‭ ‬يفرض‭ ‬حضور‭ ‬المندوب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تطالب‭ ‬به‭ ‬الجمعيات‭ ‬المعنية‭.‬
إلى‭ ‬قصر‭ ‬العدل‭..‬
‮«‬تخضع‭ ‬إجراءات‭ ‬ملاحقته‭ (‬الحدث‭) ‬والتحقيق‭ ‬معه‭ ‬ومحاكمته‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الأصول‭ ‬الخاصة،‭ ‬فتحاول‭ ‬ما‭ ‬أمكن‭ ‬تجنيبه‭ ‬الإجراءات‭ ‬القضائية‮»‬‭. ‬
ينقل‭ ‬الموقوف‭ ‬الحدث‭ ‬من‭ ‬المخفر،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬قرّر‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬ذلك،‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬العدل،‭ ‬حيث‭ ‬يوضع‭ ‬قيد‭ ‬التوقيف‭ ‬الاحتياطي‭. ‬وقد‭ ‬حدّد‭ ‬القانون‭ ‬مدة‭ ‬التوقيف‭ ‬بـ‭ ‬48‭ ‬ساعة،‭ ‬تضاف‭ ‬إليها‭ ‬مدة‭ ‬مماثلة،‭ ‬إذا‭ ‬استدعى‭ ‬ذلك‭ ‬قرار‭ ‬التوسّع‭ ‬في‭ ‬التحقيق‭. ‬والحدث‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬أيضاً‭ ‬يسجن‭ ‬برفقة‭ ‬الراشدين،‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬تكون‭ ‬غالباً‭ ‬مكتظّة‭ ‬بالموقوفين‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬التهم‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التجاوز‭ ‬يأخذ‭ ‬مساراً‭ ‬أخطر،‭ ‬عندما‭ ‬تزيد‭ ‬مدة‭ ‬التوقيف‭ ‬عن‭ ‬المهل‭ ‬القانونية‭ ‬المنصوص‭ ‬عنها،‭ ‬كما‭ ‬تلفت‭ ‬عفيش‭.‬
الخطوة‭ ‬التالية‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬قاضي‭ ‬التحقيق‭. ‬ووفقاً‭ ‬للقانون،‭ ‬يحق‭ ‬لأي‭ ‬موقوف‭ ‬تعيين‭ ‬محامٍ‭. ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬الأهل‭ ‬تأمينه،‭ ‬يمكن‭ ‬للقاضي‭ ‬تعيين‭ ‬أي‭ ‬محام‭ ‬‮«‬متوفر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬شرط‭ ‬التخصص‭. ‬وللحد‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬تسعى‭ ‬لجنتا‭ ‬شؤون‭ ‬الأحداث‭ ‬والمعونة‭ ‬القضائية‭ ‬في‭ ‬نقابة‭ ‬المحامين‭ ‬إلى‭ ‬تأمين‭ ‬محامين‭ ‬متخصصين،‭ ‬تودع‭ ‬لائحة‭ ‬بأسمائهم‭ ‬لدى‭ ‬القضاة‭.‬
من‭ ‬المخفر‭ ‬إذاً،‭ ‬ورجال‭ ‬الأمن‭ ‬فيه،‭ ‬إلى‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬ثم‭ ‬قاضي‭ ‬التحقيق‭ ‬مروراً‭ ‬بالمحامين‭ ‬المكلًفين‭ ‬على‭ ‬عجل،‭ ‬يخضع‭ ‬الحدث‭ ‬إلى‭ ‬إجراءات‭ ‬ينفذها‭ ‬أشخاص‭ ‬غير‭ ‬متخصصين‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬متفرغين‭. ‬تختتم‭ ‬مرحلة‭ ‬التحقيق‭ ‬بإحالة‭ ‬القضية‭ ‬إلى‭ ‬قاضي‭ ‬الأحداث‭. ‬وفي‭ ‬حالات‭ ‬محددة،‭ ‬ينظر‭ ‬القضاء‭ ‬العادي‭ ‬في‭ ‬القضية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬عند‭ ‬اشتراك‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬غير‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الجرم،‭ ‬حيث‭ ‬تأخذ‭ ‬القضايا‭ ‬المماثلة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬للبت‭ ‬فيها‭.‬
وتثير‭ ‬الحالة‭ ‬الأخيرة‭ ‬إشكاليات‭ ‬عدة،‭ ‬أهمها‭ ‬مبدأ‭ ‬السرّية‭. ‬تقول‭ ‬عفيش‭: ‬‮«‬الراشد‭ ‬قد‭ ‬يطلب‭ ‬العلنية‭ ‬في‭ ‬المحاكمة،‭ ‬والمحكمة‭ ‬مضطرة‭ ‬للموافقة‭ ‬على‭ ‬طلبه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تلتزم‭ ‬السرية‭ ‬عند‭ ‬محاكمة‭ ‬الحدث،‭ ‬وهذه‭ ‬مخالفة‭ ‬صارخة‮»‬‭.‬
إلى‭ ‬السجن‭..‬
‮«‬الحدث‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مساعدة‭ ‬خاصة‭ ‬تؤهله‭ ‬ليلعب‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.. ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬يجب‭ ‬مراعاة‭ ‬صالح‭ ‬الحدث‭ ‬لحمايته‭ ‬من‭ ‬الانحراف‮»‬‭.‬
في‭ ‬مبنى‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬رومية،‭ ‬ينقسم‭ ‬الموقوفون‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬صدرت‭ ‬بحقهم‭ ‬أحكام‭ ‬بالسجن،‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬ينتظرون‭ ‬البت‭ ‬في‭ ‬قضاياهم‭. ‬والتأخير‭ ‬في‭ ‬البت‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الموقوفين‭ ‬عموماً،‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬الأحداث‭ ‬أيضاً،‭ ‬بحسب‭ ‬اسكندراني‭. ‬لكن‭ ‬آثار‭ ‬هذا‭ ‬التأخير‭ ‬تصير‭ ‬مضاعفة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الحدث،‭ ‬آخذاً‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬روحية‭ ‬القانون‭ ‬الهادف‭ ‬إلى‭ ‬الحماية‭.‬
ومع‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬الموقوفين،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2016،‭ ‬يوضع‭ ‬أحياناً‭ ‬15‭ ‬حدثاً‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬واحدة،‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬إنسانية‭ ‬سيئة‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬الإحصاءات‭ ‬لم‭ ‬تنجز‭ ‬كاملة‭ ‬بعد،‭ ‬تنسب‭ ‬عفيش‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬الموقفين‭ ‬السوريين‭.‬
والحديث‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬الموقوفين‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬يغفل‭ ‬تنوّع‭ ‬التهم‭ ‬والملفات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بهؤلاء‭. ‬ففي‭ ‬جدول‭ ‬موزّع‭ ‬بحسب‭ ‬التهم،‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬الملفات‭ ‬الواردة‭ ‬2882‭ ‬ملفاً‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2014،‭ ‬بحسب‭ ‬آخر‭ ‬الإحصاءات‭ ‬المتوفرة‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭. ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الملفات‭ ‬تهم‭ ‬تتعلق‭ ‬مثلاً‭ ‬بالأوراق‭ ‬الثبوتية‭ (‬550‭ ‬ملفاً،‭ ‬وهو‭ ‬العدد‭ ‬الأكبر‭)‬،‭ ‬تسوّل‭ (‬51‭)‬،‭ ‬إقامة‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ (‬152‭)‬،‭ ‬إقلاق‭ ‬راحة‭ (‬83‭)‬،‭ ‬مسح‭ ‬أحذية‭ (‬46‭)‬،‭ ‬بيع‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ (‬128‭) ‬وخمس‭ ‬حالات‭ ‬لجمع‭ ‬الخردة‭ ‬وثمان‭ ‬حالات‭ ‬بتهمة‭ ‬العبث‭ ‬في‭ ‬القمامة‭! ‬
وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬سجن‭ ‬الأحداث،‭ ‬لا‭ ‬تفصل‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتبعة‭ ‬بين‭ ‬المتهمين‭ ‬بتعاطي‭ ‬المخدرات،‭ ‬وبين‭ ‬المتهمين‭ ‬بالإتجار‭ ‬مثلاً،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬الموقوفين‭ ‬بتهم‭ ‬السرقة‭ ‬أو‭ ‬بتهم‭ ‬القتل‭ ‬أو‭ ‬الشروع‭ ‬به،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬مبدأ‭ ‬مراعاة‭ ‬صالح‭ ‬كل‭ ‬حدث،‭ ‬بما‭ ‬يحميه‭ ‬من‭ ‬الانحراف‭.‬
ويخضع‭ ‬الموقوفون،‭ ‬بموجب‭ ‬قانون‭ ‬حماية‭ ‬الأحداث،‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬تأهيلية،‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬فرق‭ ‬متخصصة‭. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الرعاية‭ ‬التي‭ ‬أقرها‭ ‬القانون،‭ ‬محدودة‭ ‬ضمن‭ ‬مهلة‭ ‬زمنية‭ ‬تنتهي‭ ‬ظهر‭ ‬كل‭ ‬يوم‭!‬
تقول‭ ‬عفيش‭ ‬‮«‬إن‭ ‬فرق‭ ‬الجمعيات‭ ‬المعنية‭ ‬بالتأهيل‭ ‬خاضعة‭ ‬لأحكام‭ ‬سجن‭ ‬رومية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يفترض‭ ‬بها‭ ‬إخلاء‭ ‬المبنى‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬الثانية‭ ‬تماماً‭. ‬وبغياب‭ ‬هؤلاء‭ ‬تقع‭ ‬مسؤولية‭ ‬متابعة‭ ‬أوضاع‭ ‬المسجونين‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬قوى‭ ‬الأمن‮»‬‭. ‬وفيما‭ ‬تنفي‭ ‬عفيش‭ ‬احتكاك‭ ‬الأحداث‭ ‬بالراشدين‭ ‬في‭ ‬السجن،‭ ‬يؤكد‭ ‬اسكندراني‭ ‬‮«‬أن‭ ‬مبنى‭ ‬الأحداث‭ ‬يستعمل‭ ‬كمبنى‭ ‬سجن‭ ‬عادي،‭ ‬بسبب‭ ‬الاكتظاظ‭ ‬في‭ ‬مباني‭ ‬رومية،‭ ‬‮«‬وهذه‭ ‬مخالفة‭ ‬واضحة‭ ‬وجليّة‮»»‬‭.‬
وبين‭ ‬النفي‭ ‬والتأكيد‭ ‬تفاصيل‭ ‬أخرى‭ ‬كفيلة‭ ‬بإزالة‭ ‬الالتباس‭.. ‬أو‭ ‬الأصح‭ ‬تأكيده‭!‬
في‭ ‬الفترة‭ ‬الصباحية،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتواجد‭ ‬فيه‭ ‬فرق‭ ‬التأهيل،‭ ‬يحضر‭ ‬أيضاً‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬‮«‬السجناء‭ ‬المؤهلين‮»‬،‭ ‬المكلفين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إدارة‭ ‬السجن‭ ‬بالإشراف‭ ‬على‭ ‬الأحداث‭. ‬وبعد‭ ‬الثانية‭ ‬ظهراً،‭ ‬يبقى‭ ‬هؤلاء‭ ‬السجناء‭ ‬بمفردهم‭ ‬مع‭ ‬الأحداث،‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬المبنى‭ ‬نفسه،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رقابة‭ ‬الجمعيات‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬السجن،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يحمله‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬وقوع‭ ‬تجاوزات‭ ‬كثيرة،‭ ‬أولها‭ ‬الاحتكاك‭ ‬بين‭ ‬الحدث‭ ‬والراشد‭ ‬خلافاً‭ ‬للقانون،‭ ‬وآخرها‭.. ‬التعرّض‭ ‬للاغتصاب‭!‬
وبينما‭ ‬تتحفظ‭ ‬عفيش‭ ‬عن‭ ‬تأكيد‭ ‬وقوع‭ ‬حالات‭ ‬اغتصاب‭ ‬بصراحة،‭ ‬تطرح‭ ‬أسئلة‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬نفسه‭: ‬من‭ ‬يضمن‭ ‬أن‭ ‬غرفة‭ ‬الراشدين‭ ‬تظلّ‭ ‬مغلقة‭ ‬مساء؟‭ ‬ومن‭ ‬يراقب‭ ‬تصرفات‭ ‬هؤلاء‭ ‬السجناء؟‭ ‬وهل‭ ‬يجوز‭ ‬أساساً‭ ‬أن‭ ‬يراقب‭ ‬سجين‭ ‬راشد‭ ‬سجيناً‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الأحداث؟
وفي‭ ‬مقابل‭ ‬تحفّظ‭ ‬عفيش،‭ ‬يؤكد‭ ‬اسكندراني‭ ‬وقوع‭ ‬حالات‭ ‬اغتصاب‭ ‬واستخدام‭ ‬للعنف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬سجناء‭ ‬راشدين،‭ ‬ناسباً،‭ ‬أيضاً،‭ ‬تأكيداً‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أحد‭ ‬القضاة‭ ‬المتخصصين‭ ‬بقضايا‭ ‬الأحداث‭.‬

A+
A-
share
كانون الأول 2016
أنظر أيضا
أحدث فيديو
تحميل المزيد