ماذا‭ ‬يعني أن‭ ‬تكون‭ ‬لاجئاً؟

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 كانون الأول 16 0 دقائق للقراءة
ماذا‭ ‬يعني أن‭ ‬تكون‭ ‬لاجئاً؟
إعتاد‭ ‬البشر‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬التاريخ‭ ‬على‭ ‬الحركة‭... ‬هكذا‭ ‬تأسس‭ ‬العالم‭.‬
منذ‭ ‬الهجرات‭ ‬الأولى‭ ‬بسبب‭ ‬ضيق‭ ‬الموارد‭ ‬أو‭ ‬المناخ،‭ ‬إلى‭ ‬الهجرات‭ ‬اللاحقة‭ ‬بسبب‭ ‬تحسين‭ ‬ظروف‭ ‬العيش،‭ ‬إلى‭ ‬الهجرات‭ ‬القسرية‭ ‬بسبب‭ ‬الحروب‭ ‬أو‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية،‭ ‬كانت‭ ‬الجموع‭ ‬البشرية‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬إلى‭ ‬مكان،‭ ‬وتندمج‭ ‬أو‭ ‬تعيد‭ ‬تأسيس‭ ‬حضارات‭. ‬والأمثلة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬كثيرة‭ ‬لدرجة‭ ‬أنها‭ ‬تشكّل‭ ‬فعلياً‭ ‬كل‭ ‬التاريخ‭ ‬البشري‭. ‬لكن‭ ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬ظهور‭ ‬الدولة‭ ‬القومية‭ ‬التي‭ ‬رسمت‭ ‬حدوداً،‭ ‬وقسّمت‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬ساكن‭ ‬مواطن‭ ‬ووافد،‭ ‬أو‭ ‬مواطن‭ ‬ومهاجر،‭ ‬أو‭ ‬مواطن‭ ‬ولاجىء،‭ ‬ظهرت‭ ‬مشكلة‭ ‬اللاجئين‭ ‬بوصفهم‭ ‬مجموعة‭ ‬طارئة‭ ‬على‭ ‬المجموعة‭ ‬المقيمة‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬وفي‭ ‬أسوأها‭ ‬عبئاً‭ ‬كبيراً‭ ‬ومصدراً‭ ‬للمتاعب،‭ ‬وفئة‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬المستقرين‭ ‬الذين‭ ‬ينعمون‭ ‬بحقوقهم‭ ‬كمواطنين‭. ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬عمرها‭ ‬عن‭ ‬قرن‭ ‬ونصف‭ ‬القرن‭ ‬في‭ ‬أبعد‭ ‬الأحوال،‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬شكلها‭ ‬المؤسس‭ ‬إلا‭ ‬عقب‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬مع‭ ‬الهجرات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭ ‬والتي‭ ‬استدعت‭ ‬نشوء‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد‭ ‬يُعنى‭ ‬بهذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ ‬نظام‭ ‬المساعدات‭ ‬الانسانية‭ ‬الدولي‭. ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬يعتبر‭ ‬أساساً‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الهجرة‭ ‬القسرية‭ ‬هي‭ ‬هجرة‭ ‬مؤقتة،‭ ‬وأن‭ ‬الاندماج‭ ‬أو‭ ‬عدمه‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المضيفة‭ ‬هو‭ ‬مسألة‭ ‬سيادية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬المتفق‭ ‬عليها‭ ‬دولياً‭ ‬لهذه‭ ‬الدول،‭ ‬وأن‭ ‬دور‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬هو‭ ‬توفير‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬سبل‭ ‬العيش‭ ‬أو‭ (‬الحقوق‭) ‬الأساسية‭ ‬للفرد‭. ‬وهنا‭ ‬تتركز‭ ‬المشكلة‭ ‬أساساً‭. ‬فنظام‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يقدم‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬نظام‭ ‬إنساني‭ ‬بحت،‭ ‬أي‭ ‬بمعنى‭ ‬ما‭ (‬حيادي‭) ‬غير‭ ‬مسيّس،‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬غارقاً‭ ‬في‭ ‬تجاذبات‭ ‬سياسية‭ ‬بالكاد‭ ‬هو‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬ويفشل‭ ‬في‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة؛‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الإقامة،‭ ‬إلى‭ ‬حقوق‭ ‬العمل،‭ ‬إلى‭ ‬الحق‭ ‬بالتنقل‭ ‬والحركة‭ ‬وسواها‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬الكثيرة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬بالمفهوم‭ ‬السيادي‭ ‬للدولة‭ ‬المضيفة‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬سياسي‭.‬
من‭ ‬هنا،‭ ‬يسلّط‭ ‬الضوء‭ ‬عادة‭ ‬على‭ ‬مشكلة‭ ‬اللاجئين‭ ‬بوصفهم‭ ‬مجموعة‭ ‬تستحق‭ (‬المساعدات‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬ضمان‭ ‬بعض‭ ‬الحقوق‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا،‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬تشكل‭ ‬عبئاً‭ ‬كبيراً‭ ‬وأزمة‭ ‬اقتصادية‮ ‬‭/‬ديمغرافية‭/ ‬أخلاقية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حل‭. ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال،‭ ‬لا‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬اللاجئين‭ ‬بوصفهم‭ ‬بشراً‭ ‬متساوين‭ ‬ضمن‭ ‬شرعة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشكلوا‭ ‬إضافة‭ ‬لا‭ ‬عبئاً،‭ ‬ومورداً‭ ‬لا‭ ‬أزمة‭. ‬
أزمة‭ ‬اللاجئين‭ ‬هي‭ ‬أزمة‭ ‬سياسية‭ ‬خُلقت‭ ‬بسبب‭ ‬ظرف‭ ‬وإطار‭ ‬سياسي‭ ‬تاريخي‭ ‬محدد،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬حلها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الأخذ‭ ‬بالاعتبار‭ ‬هذا‭ ‬البعد‭ ‬التاريخي‭ ‬السياسي‭ ‬حيث‭ ‬يكون‭ ‬الاندماج‭ ‬حقاً‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬حق‭ ‬العودة،‭ ‬ويكون‭ ‬الاستقرار‭ ‬حقاً‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬حق‭ ‬التنقل،‭ ‬وأن‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ (‬أي‭ ‬إنسان‭) ‬أساسية‭ ‬مثلما‭ ‬هي‭ ‬حقوق‭ ‬المواطن‭.‬
A+
A-
share
كانون الأول 2016
تحميل المزيد