إغتنام‭ ‬الفرص‭ ‬نحو‭ ‬التنوّع‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬التعليم

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 كانون الأول 16 5 دقائق للقراءة
‮«‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نصدّق‭ ‬الكلام‭ ‬الذي‭ ‬يُقال‭ ‬عن‭ ‬السوريين‮»‬‭.
هذا‭ ‬ما‭ ‬عبّرت‭ ‬عنه‭ ‬طالبة‭ ‬لبنانية‭ ‬في‭ ‬عكّار‭ ‬في‭ ‬حديثها‭ ‬عن‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬مدرستها‭. ‬وتضيف‭ ‬الطالبة‭ ‬اللبنانية‭ ‬نفسها‭ ‬أن‭ ‬تصوّرها‭ ‬عن‭ ‬السوريين‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬كان‭ ‬مختلفاً‭ ‬تماماً‭ ‬عنه‭ ‬اليوم،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬تصوّراً‭ ‬سلبيّاً‭ ‬تكوّن‭ ‬بفعل‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تسمعه‭ ‬في‭ ‬منزلها‭ ‬ومن‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتها‭.‬
أتى‭ ‬ذكر‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬النظرة‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬نوعية‭ ‬أجرتها‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬انترناشيونال‭ ‬ألرت‮»‬‭ (‬International Alert‭) ‬صيف‭ ‬2015،‭ ‬وهي‭ ‬منظمة‭ ‬دولية‭ ‬لبناء‭ ‬السلام‭ ‬لها‭ ‬فرع‭ ‬في‭ ‬لبنان‭. ‬جمعت‭ ‬الدراسة‭ ‬البيانات‭ ‬من‭ ‬منطقتين‭ ‬إحداهما‭ ‬ريفية‭ (‬عكار‭)‬،‭ ‬والأخرى‭ ‬حَضَرية‭ (‬برج‭ ‬حمود‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬تشكّلت‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬99‭ ‬طالباً‭(‬ة‭) ‬لبنانياً‭(‬ة‭) ‬ولاجئاً‭(‬ة‭) ‬سورياً‭(‬ة‭) ‬تتراوح‭ ‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬10‭ ‬و15‭ ‬سنة،‭ ‬كما‭ ‬شملت‭ ‬أهلهم‭ ‬ومعلميهم‭ ‬في‭ ‬المنطقتين،‭ ‬هذا‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬مديري‭ ‬المدارس‭ ‬وممثلين‭/‬ات‭ ‬لجمعيات‭ ‬أهلية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬ذاتها‭. ‬وكان‭ ‬هدف‭ ‬الدراسة‭ ‬فهم‭ ‬التأثيرات‭ ‬التي‭ ‬ينتجها‭ ‬النظام‭ ‬المدرسي،‭ ‬سواء‭ ‬المختلط‭ ‬السوري‭-‬اللبناني‭ ‬منه‭ ‬أم‭ ‬المفصول‭ ‬بحسب‭ ‬الجنسيات،‭ ‬على‭ ‬التصوّرات‭ ‬والعلاقات‭ ‬بين‭ ‬الطلاب‭ ‬السوريين‭ ‬واللبنانيين‭.‬
 
ووجدت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬مستوى‭ ‬التماسك‭ ‬تحسّن‭ ‬في‭ ‬الدوامات‭ ‬الصباحيّة‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الرسميّة،‭ ‬فتبيّن‭ ‬أن‭ ‬الطلاب‭ ‬السوريين‭ ‬واللبنانيين‭ ‬في‭ ‬الدوامات‭ ‬الصباحيّة‭ ‬تجمعهم‭ ‬علاقات‭ ‬أفضل‭ ‬ونظرة‭ ‬إيجابية‭ ‬عن‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض،‭ ‬وكانوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬مكافحة‭ ‬الصوّر‭ ‬النمطية‭ ‬عن‭ ‬الآخر‭. ‬وللأسف،‭ ‬كان‭ ‬للطلاب‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يحضرون‭ ‬الصفوف‭ ‬المختلطة‭ ‬نظرات‭ ‬سلبيّة‭ ‬عن‭ ‬الآخر،‭ ‬وكانوا‭ ‬أكثر‭ ‬تأثّراً‭ ‬بالتمثيلات‭ ‬السلبيّة‭ ‬للآخر‭.‬
في‭ ‬الدوامات‭ ‬الصباحيّة،‭ ‬قال‭ ‬الطلاب‭ ‬اللبنانيون‭ ‬الذين‭ ‬أُجريت‭ ‬المقابلات‭ ‬معهم‭ ‬إنّهم‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬سمعوا‭ ‬كلاماً‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬السوريون‭ ‬يخطفون‭ ‬اللبنانيين‭ ‬ويغتصبونهم‮»‬،‭ ‬ومع‭ ‬الوقت،‭ ‬وبفضل‭ ‬التفاعل‭ ‬المتزايد‭ ‬مع‭ ‬الطلاب‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬المدرسة،‭ ‬تغيّرت‭ ‬آراؤهم‭. ‬وتشير‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الطلاب‭ ‬اللبنانيين‭ ‬كفّوا‭ ‬عن‭ ‬مناداة‭ ‬الطلاب‭ ‬السوريين‭ ‬بجنسيتهم،‭ ‬وكأنّ‭ ‬هويتهم‭ ‬تنحصر‭ ‬بجنسيتهم‭ ‬السورية‭. ‬وسمح‭ ‬هذا‭ ‬التواصل‭ ‬اليومي‭ ‬بين‭ ‬زملاء‭ ‬الصف‭ ‬اللبنانيين‭ ‬والسوريين‭ ‬بتكوين‭ ‬تصوّراتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬صحّة‭ ‬الصوّر‭ ‬النمطية‭ ‬السلبيّة‭ ‬نتيجة‭ ‬تفاعلهم‭ ‬المنتظم‭.‬
وتوصّلت‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬استنتاج‭ ‬مماثل‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلّق‭ ‬بالأثر‭ ‬الإيجابي‭ ‬للتدريس‭ ‬المختلط‭ ‬بعد‭ ‬مقابلة‭ ‬بعض‭ ‬الطلاب‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬عكّار‭ ‬وبرج‭ ‬حمود،‭ ‬وسؤالهم‭ ‬عن‭ ‬انطباعاتهم‭ ‬عن‭ ‬اللبنانيين،‭ ‬فوصف‭ ‬الطلاب‭ ‬السوريون‭ ‬زملاءهم‭ ‬اللبنانيين‭ ‬بأنهم‭ ‬‮«‬يقدّمون‭ ‬الدعم‭ ‬ويد‭ ‬العون‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأصدقاء‭ ‬أو‭ ‬الجيران‭ ‬اللبنانيين‭ ‬المقرّبين‭ ‬يدافعون‭ ‬عنهم‭ ‬وعن‭ ‬أسرهم‭ ‬ضدّ‭ ‬أي‭ ‬مواجهات‭ ‬معادية‭. ‬وبالرغم‭ ‬مما‭ ‬سبق‭ ‬ذكره‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين‭ ‬السوري‭ ‬واللبناني‭ ‬تحدّث‭ ‬عن‭ ‬صداقات‭ ‬داخل‭ ‬المدرسة،‭ ‬أظهرت‭ ‬الدراسة‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الحالات‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬جدران‭ ‬المؤسسة‭ ‬التعليمية،‭ ‬ولم‭ ‬يذكر‭ ‬إلا‭ ‬عدداً‭ ‬قليلاً‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬رؤية‭ ‬أصدقاء‭ ‬من‭ ‬الجنسية‭ ‬الأخرى‭ ‬خارج‭ ‬المدرسة‭ ‬أو‭ ‬خلال‭ ‬عطل‭ ‬الأعياد‭.‬
أما‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬المنفصلة‭ ‬التي‭ ‬يحضر‭ ‬فيها‭ ‬الطلاب‭ ‬السوريون‭ ‬الصفوف‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الظهر،‭ ‬فأتت‭ ‬التصوّرات‭ ‬والعلاقات‭ ‬أقل‭ ‬إيجابيّة‭ ‬أعرب‭ ‬الطلاب‭ ‬السوريون‭ ‬المسجّلون‭ ‬في‭ ‬الدوام‭ ‬المسائي‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الرسميّة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬ذاتها‭ ‬عن‭ ‬امتعاضهم‭ ‬من‭ ‬اللبنانيين،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬عدداً‭ ‬قليلاً‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬يضمر‭ ‬الضغينة‭ ‬لهم‭. ‬فذكروا‭ ‬أنهم‭ ‬سمعوا‭ ‬شتائمَ‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬اللبنانيين‭ ‬لم‭ ‬يسمعوها‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬قط‭. ‬وأعرب‭ ‬البعض‭ ‬أيضاً‭ ‬عن‭ ‬تخوّفهم‭ ‬من‭ ‬اللبنانيين‭ ‬عموماً‭ ‬لأنه‭ ‬بحسب‭ ‬الطلاب‭ ‬السوريين،‭ ‬يستطيع‭ ‬اللبنانيون‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬وقوع‭ ‬أي‭ ‬حادثة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬باللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الشرطة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تردّ‭ ‬بمداهمة‭ ‬منازل‭ ‬السوريين‭ ‬وتخويف‭ ‬أسرهم‭. ‬
عند‭ ‬وصولهم‭ ‬إلى‭ ‬لبنان،‭ ‬كان‭ ‬هؤلاء‭ ‬الطلاب‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬اللبنانيين‭ ‬‮«‬طيبوا‭ ‬القلب‮»‬،‭ ‬ولكنهم‭ ‬اكتشفوا،‭ ‬بحسب‭ ‬قولهم،‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬عارٍ‭ ‬من‭ ‬الصحة‭. ‬واعتبروا‭ ‬أن‭ ‬الطلاب‭ ‬اللبنانيين‭ ‬ينظرون‭ ‬إليهم‭ ‬نظرة‭ ‬ازدراء‭ ‬قائلين‭ ‬أن‭ ‬‮«‬اللبنانيين‭ ‬يعتبروننا‭ ‬خدماً‭ ‬عندهم‮»‬‭. ‬وذكر‭ ‬بعض‭ ‬السوريون‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يحبّهم‭ ‬اللبنانيون،‭ ‬فيما‭ ‬فسّر‭ ‬آخرون‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬بشعور‭ ‬اللبنانيين‭ ‬بـ‮ «‬أننا‭ ‬استولينا‭ ‬على‭ ‬بلادهم‮»‬،‭ ‬وفسّروا‭ ‬موقف‭ ‬اللبنانيين‭ ‬باعتقادهم‭ ‬أن‭ ‬السوريين‭ ‬استولوا‭ ‬على‭ ‬حقوقهم‭ ‬ويتلقّون‭ ‬مساعدات‭ ‬كان‭ ‬اللبنانيون‭ ‬أولى‭ ‬بها‭. ‬لقد‭ ‬توصّلوا‭ ‬إلى‭ ‬الاستنتاج‭ ‬هذا‭ ‬لأن‭ ‬الشباب‭ ‬اللبناني‭ ‬يقول‭ ‬لهم‭ ‬صراحة‭ ‬‮«‬أنتم‭ ‬دمّرتم‭ ‬بلادنا‮»‬‭.‬
وفي‭ ‬الواقع‭ ‬أكّد‭ ‬الطلاب‭ ‬اللبنانيون‭ ‬الذين‭ ‬أجريت‭ ‬المقابلات‭ ‬معهم‭ ‬والذين‭ ‬يحضرون‭ ‬صفوفاً‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬طلاب‭ ‬سوريين،‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬بوصفهم‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬بـ«القذرين‮»‬‭ ‬و«المجرمين‮»‬،‭ ‬واعتبروهم‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬للخراب‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بالمناطق‭ ‬التي‭ ‬يلتجئون‭ ‬إليها‭. ‬
ومن‭ ‬أصل‭ ‬حوالي‭ ‬160‭ ‬ألف‭ ‬طالب‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬الملتحقين‭ ‬بالتعليم‭ ‬النظامي،‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهن‭ ‬بين‭ ‬3‭-‬17‭ ‬سنة‭ (‬يناير‭/‬كانون‭ ‬الثاني‭ ‬2016‭)‬،‭ ‬يحضر‭ ‬60‮ ‬‭% ‬منهم‭ ‬الدوامات‭ ‬المسائيّة‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الرسميّة‭. ‬وكانت‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي‭ ‬قد‭ ‬أطلقت‭ ‬الدوام‭ ‬المسائي‭ ‬للصفوف‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭/‬كانون‭ ‬الأول‭ ‬2014‭ ‬لخدمة‭ ‬غير‭ ‬اللبنانيين‭ ‬حصراً،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬والعراقيين‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬لتلبية‭ ‬الطلب‭ ‬المتزايد‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬الوزارة‭ ‬قد‭ ‬برّرت‭ ‬قرارها‭ ‬بالاستناد‭ ‬إلى‭ ‬الفروقات‭ ‬في‭ ‬المستويات‭ ‬التعليمية‭ ‬بين‭ ‬اللاجئين‭ ‬الملتحقين‭ ‬حديثاً‭ ‬واللبنانيين‭.‬‭ ‬واعتُبر‭ ‬هذا‭ ‬الترتيب‭ ‬مفيداً‭ ‬للمعلمين‭ ‬للتكيّف‭ ‬مع‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الدراسية‭ ‬للطلاب‭ ‬السوريين‭ ‬اللاجئين‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الأسباب‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تقدّم‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬مدراء‭ ‬المدارس‭ ‬والإداريون‭ ‬الذين‭ ‬استُطلعوا‭ ‬لدراسة‭ ‬أجريت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2014،‭ ‬هي‭ ‬اعتبار‭ ‬الفصل‭ ‬بحسب‭ ‬الجنسيات‭ ‬حمايةً‭ ‬للطلاب‭ ‬السوريين‭ ‬اللاجئين‭ ‬من‭ ‬المضايقات‭ ‬والتمييز،‭ ‬أو‭ ‬تفادياً‭ ‬لتعريضهم‭ ‬لخلفيات‭ ‬اللبنانيين‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬المختلفة‭.‬
وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إطار‭ ‬دراسة‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬انترناشيونال‭ ‬الرت‮»‬‭ ‬حول‭ ‬نظرة‭ ‬الطلاب‭ ‬السوريين‭ ‬واللبنانيين‭ ‬لبعضهم‭ ‬البعض‭ ‬محدود‭ ‬بعض‭ ‬الشيئ،‭ ‬تبقى‭ ‬النتائج‭ ‬مهمّة‭ ‬وتتطلّب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التحقيق‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الأطفال‭ ‬اللبنانيين‭ ‬والسوريين‭ ‬ومجتمعهم‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬نوع‭ ‬التربية‭ ‬والبيئة‭ ‬التعليمية‭ ‬التي‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬تعزيزها‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬التعليمي‭ ‬اللبناني‭.‬
وتشير‭ ‬دراسات‭ ‬من‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬الصلة‭ ‬بين‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬المدرسي‭ ‬والتوترات‭ ‬والنزاعات‭ ‬بين‭ ‬المجموعات،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تزعم‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬أنها‭ ‬علاقة‭ ‬سببية‭ ‬واضحة‭. ‬فهذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬البوسنة‭ ‬والهرسك‭ ‬وغواتيمالا‭ ‬وموزامبيق‭ ‬وأيرلندا‭ ‬الشمالية‭ ‬ورواندا‭ ‬وسريلانكا،‭ ‬وهي‭ ‬جميعها‭ ‬بلدان‭ ‬تعكس‭ ‬الهياكل‭ ‬المؤسسية‭ ‬فيها‭ ‬الانقسامات‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تقسم‭ ‬المجتمع‭ ‬بأكمله،‭ ‬وتساهم‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬الانقسامات‭ ‬الموجودة،‭ ‬تماماً‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬
على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الـ‭ ‬25‭ ‬الماضية،‭ ‬لم‭ ‬ينفكّ‭ ‬لبنان‭ ‬يناضل‭ ‬في‭ ‬جهوده‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬النظام‭ ‬التعليمي‭ ‬فيه‭ ‬وخصوصاً‭ ‬بطرق‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التماسك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمصالحة‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬ترزح‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬الطويلة‭ ‬وتداعياتها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬إن‭ ‬الدعم‭ ‬المقدَّم‭ ‬للطلاب‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬النظامي‭ ‬يوفّر‭ ‬للبنان‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬الواردة‭ ‬لتحسين‭ ‬النظام‭ ‬التعليمي‭ ‬الرسمي‭ ‬لكافة‭ ‬الطلاب،‭ ‬سوريين‭ ‬كانوا‭ ‬أم‭ ‬لبنانيين‭. ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يفتح‭ ‬احتضان‭ ‬التنوّع‭ ‬داخل‭ ‬الصفوف‭ ‬وتنمية‭ ‬بيئة‭ ‬متعدّدة‭ ‬الثقافات‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬فرصاً‭ ‬للطلاب‭ ‬اللبنانيين‭ ‬لاكتشاف‭ ‬وتنمية‭ ‬التعاطف‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬مكافحة‭ ‬الصور‭ ‬النمطية،‭ ‬وهما‭ ‬مهارتان‭ ‬ضروريتان‭ ‬لتعزيز‭ ‬علاقات‭ ‬مجتمعية‭ ‬إيجابية‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬الوعر‭ ‬نحو‭ ‬المصالحة‭ ‬الوطنية‭. ‬

‭(‬نص‭ ‬مترجم‭ ‬من‭ ‬الإنكليزية‭)‬
زينة عبلا‭* ‬باحثة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنمية
مزنة المصري‭** ‬باحثة‭ ‬ومستشارة

A+
A-
share
كانون الأول 2016
تحميل المزيد