مشروع «سوريا ببالي» رحلة في التراث

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 كانون الأول 15 4 دقائق للقراءة
مشروع «سوريا ببالي» رحلة في التراث
© علي الشيخ
مشروع «سوريا ببالي»، هو فكرة وتنفيذ جمعية «بلادي» بالتعاون مع فريق «عيون سوريّة»، وبإدارة AVSI، وبتمويل من منظمة اليونيسف. وقد استهدف 2000 طفل سوري ما بين عمر 5 سنين و 15 سنة، في كل من النبطية و الخيام ومرجعيون وصيدا في الجنوب اللبناني، وجونية في شمال بيروت.
إنه ثاني مشروع لـ«بلادي» يطبّق في لبنان مع اللاجئين السوريين، حيث اقتصرت نسخته الأولى «سوريا ببالي 1» على يوم واحد لكل مدرسة، وبذلك كان يعتبر أول مشروع تربية على التراث مع الأطفال السوريين اللاجئين في العالم.
تم اختيار المدربين من قبل فريق «عيون سوريّة»، والذين دُرّبوا بشكل مكثف ولمدة أسبوعين، على أصول التربية على التراث، والتعامل مع الأطفال، والتربية من خلال اللعب، من قبل فريق متخصص بالتربية وعلم النفس والآثار والتاريخ والتراث، كما دُرّبوا على المهارات الحياتية أيضاً.
ويقوم المشروع بتنفيذ مجموعة أنشطة تربوية لا صفّيّة، هدفها أن تخلق في ذهن الطفل صوراً وومضات عن وطنه الأم سوريا، الخالية من الحرب والدمار، بالإضافة إلى تعريفه بهويته السوريّة، وتعزيز انتمائه باستخدام التراث الذي يعتبر أحد مكونات الهوية لأي شعب مع الإشارة إلى أن الأطفال السوريين اللاجئين في لبنان قسمان: الأول لم يعرف سوريا نهائياً، والثاني لا يملك سوى صور عنها في ذاكرته.
تنفيذ النشاط
تم تطبيق المشروع من خلال ابتكار مجموعة ألعاب تشكّل خلال أربعة أيام متواصلة رحلة في التراث السوري، حيث تم تصميم خريطة كبيرة لسوريا خصيصاً لهؤلاء الأطفال تتناسب مع أعمارهم، يجلسون عليها، ويتعرفون على جغرافيتها، من خلال تفاصيل جغرافية مبسطة، كالجبال والأنهار والسهول والبادية، يميزونها من خلال الألوان، ويقومون برحلة بين مدنهم التي ينتمون إليها، من خلال تمرير سيارة صغيرة على الخريطة.
وأيضاً، تم تثبيت صور للحيوانات والنباتات التي تعيش في سوريا، وكل صورة في الإقليم الجغرافي الذي يناسبها، بالإضافة إلى ستة مواقع أثرية ثبتت عليها مسبقاً، وتعرفوا عليها خلال الأيام الأربعة.
فمثلاً قام الأطفال ببناء مجسم لقلعة حلب وقلعة الحصن، من خلال استخدام المكعبات الخشبية وقواعد مصنوعة من الورق المقوّى، وجلسوا على خريطتين واحدة لمدينة دمشق القديمة، والأخرى لمدينة تدمر، يتم التعرف من خلالها على تفاصيل كل من المدينتين، أما نواعير مدينة حماه فتعلموا كل شيء عنها من خلال مجسم خشبي تعليمي.
وتم تثبيت هذه المعلومات من خلال ألعاب ترفيهية تلقّى الأطفال من خلالها معلومات بشكل مباشر، مثل لعبة «بينغو» التي تحتوي صورها على تفاصيل من المواقع الأثرية السورية، والقفز على المربعات التي هي عبارة عن صورة للغطاء النباتي في سوريا.
ولا يمكننا الحديث عن التراث السوري من دون أن نفكر بالحكواتي الذي كان يعمل بكامل أناقته الدمشقية، ويطوف من خلال قصصه في المحافظات السورية، زائراً أجمل المناطق من خلال شخصيتين، هما «كركوز» و«عواظ»، اللذان لا تخلو قصصهما من الفكاهة و النكتة.
كانت الصعوبة التي تواجه هذا النشاط هي عدم قدرتنا على رؤية المواقع السورية وزيارتها، فكان هناك بدلاً عن الجولة، فيديو لمدة عشر دقائق، يتحدث عن سوريا وآثارها، وبعض العادات والتقاليد فيها.
وفي نهاية كل يوم هناك الفقرة المفضلة للجميع، وهي الاحتفال، أي الغناء والرقص، وهنا اعتمد المشروع مجموعة أغانٍ من ألحان تراثية، تم التعديل في كلماتها لتخدم أهداف البرنامج أكثر.

 
تجاوب الأطفال مع المشروع و تحقيق الأهداف
يقول الطفل محمد من مدينة حلب لأحد المدربين: «بس أروح على حلب رح اتصور على باب القلعة وابعتلك الصورة».
كان هناك تخوف كبير بعد كل هذا التحضير، من أن يكون وقع هذا البرنامج قاسياً على الأطفال، ولكن حدث العكس حيث كان هناك تجاوب كبير من قِبلهم، فراحوا يرددون الأغاني من أول يوم، وهم في سعادة كبيرة، ويسألون أهلهم عمّا سمعوه عن سوريا، وهل كل ما ذكر عنها، من آثار وتراث وطبيعة، هو حقيقة.
إحدى مدرّسات منظمة AVSI قالت لنا: «بعدما انتهى البرنامج أصبحت كل أمثلة الدروس التي يطرحها الأطفال هي عن قلعة حلب، وعن النواعير وغيرها من القصص والمعلومات، التي مُرّرت لهم من خلال اللعب والخرائط، فكان هذا ايجابياً بالنسبة إلينا. وقد حاولنا أن نستفيد من هذه النقطة تربوياً، وأن نقتبس من المشروع أفكاراً حول سوريا لخدمة دروسنا».
بدوره، يوضح أحد المدرسين: «أصبح الأطفال يعرّفون عن أنفسهم بحسب المناطق التي ينتمون إليها، بعدما كانوا يذكرون اسم القرية اللبنانية التي ولدوا فيها. في الحقيقة أصبحوا أكثر معرفة بالمكان الذي ينتمون إليه، بعدما كان غامضاً ومظلماً وتسوده الحرب».
أما المدربون فكان تأثير البرنامج عليهم كبيراً، وأصبح الهم لديهم أن يكون هناك مشروع على رقعة أكبر، وأن يقدروا يوماً ما على العودة إلى سوريا وتطبيق البرنامج للأطفال فيها بعد انتهاء الحرب.
في نهاية البرنامج، كان بعض الأطفال في كل مركز يأتون إلينا ويخبروننا أنهم عندما يعودون إلى سوريا سوف يزورن أوغاريت في اللاذقية، أو قلعة حلب، أو سيذهبون لركوب الجمل في تدمر، أو للسباحة قرب ناعورة حماه، وأصبحوا يفكرون أكثر بما قد يميز تفاح دمشق عن بقية تفاح العالم.
إحدى المشرفات من AVSI قالت في نهاية البرنامج: «لقد أثّر المشروع في ذاكرتي كلبنانية بشكل كبير، حيث أصبحت أود معرفة دمشق وحلب وغيرهما من المدن أكثر، فكيف لي أن أتخيل ما هو مدى تأثير هذا البرنامج على الأطفال؟».
*مدير مساعد لمشروع «سوريا ببالي» في جمعية «بلادي»
A+
A-
share
كانون الأول 2015
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
10 كانون الأول 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
10 كانون الأول 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد