الأقليّات‭ ‬السورية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭...‬ ‭ ‬بين‭ ‬واقع‭ ‬اللجوء‭ ‬وحلم‭ ‬الهجرة

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 أيلول 16 7 دقائق للقراءة
الأقليّات‭ ‬السورية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭...‬ ‭ ‬بين‭ ‬واقع‭ ‬اللجوء‭ ‬وحلم‭ ‬الهجرة
© تصوير: عليا حاجو
في‭ ‬منطقة‭ ‬برج‭ ‬حمود،‭ ‬احدى‭ ‬الضواحي‭ ‬الكبرى‭ ‬لمدينة‭ ‬بيروت،‭ ‬يسير‭ ‬الى‭ ‬منزله‭ ‬غير‭ ‬آبه‭ ‬بحرّ‭ ‬الصيف‭ ‬وفي‭ ‬يده‭ ‬بعض‭ ‬الأوراق‭ ‬الثبوتية‭ ‬ووثائق‭ ‬تخصّ‭ ‬ملف‭ ‬الهجرة،‭ ‬وفي‭ ‬عيونه‭ ‬ابتسامة‭ ‬تُبدي‭ ‬بعض‭ ‬الأمل‭.‬
جاء‭ ‬جورج‭ ‬مع‭ ‬عائلته‭ ‬الى‭ ‬لبنان‭ ‬هرباً‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬القرى‭ ‬الآشورية‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬نهر‭ ‬الخابور‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬الحسكة‭ ‬السورية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2013‭.‬
يقول‭ ‬جورج‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬آنذاك‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الاسلامية‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ ‬الى‭ ‬قريته‭ ‬وانتشار‭ ‬حالات‭ ‬الخطف‭ ‬وتحطيم‭ ‬الرموز‭ ‬الدينيّة‭ ‬المسيحيّة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬العنف،‭ ‬ذهب‭ ‬برفقة‭ ‬زوجته‭ ‬وبناته‭ ‬الثلاث‭ ‬الى‭ ‬مدينة‭ ‬الحسكة‭ ‬لفترة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقرر‭ ‬الخروج‭ ‬نهائياً‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬متوجهاً‭ ‬الى‭ ‬لبنان‭ ‬منتصف‭ ‬عام‭ ‬2015‭.‬
ويتابع‭ ‬القول،‭ ‬أن‭ ‬اكثر‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬المصاعب‭ ‬المادية‭ ‬وتوفير‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬له‭ ‬ولعائلته،‭ ‬لاسيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خسروا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يملكونه‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬و‭ ‬بدأوا‭ ‬حياتهم‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬الصفر‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يتسم‭ ‬بنمط‭ ‬حياة‭ ‬مكلف،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬وصفه‭.‬
تعتبر‭ ‬برج‭ ‬حمود‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المناطق‭ ‬السكانية‭ ‬المختلطة،‭ ‬حيث‭ ‬تعيش‭ ‬فيها‭ ‬غالبية‭ ‬من‭ ‬اللبنانيين‭ ‬الأرمن‭ ‬مع‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الطوائف،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬السوريين‭ ‬الوافدين‭ ‬بعد‭ ‬الأزمة‭ ‬السورية‭ ‬عام‭ ‬2011‭. ‬كما‭ ‬تضمّ‭ ‬أعداداً‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬من‭ ‬أثيوبيا‭ ‬والسودان‭ ‬ومصر‭ ‬وجنسيّات‭ ‬آسيوية‭.‬
‮«‬النظرة‭ ‬الى‭ ‬اللاجىء‭ ‬السوري‭ ‬هي‭ ‬نظرة‭ ‬شمولية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المجتمع‭ ‬المضيف،‭ ‬والسوري‭ ‬سوري‭ ‬شو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬دينه‮»‬،‭ ‬هكذا‭ ‬يصف‭ ‬جورج‭ ‬وضع‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬طوائفهم‭ ‬وعرقياتهم‭. ‬ولكنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الامتيازات‭ ‬والدعم‭ ‬الذي‭ ‬يتلقاه‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬بعض‭ ‬الجمعيات‭ ‬والكنائس،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬كمدرس‭ ‬لغة‭ ‬انكليزية‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬قريبة‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيساعده‭ ‬في‭ ‬تدبّر‭ ‬أموره‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬موعد‭ ‬هجرته‭ ‬الى‭ ‬كندا‭.‬
يشار‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬أعداد‭ ‬الآشوريين‭ ‬الواصلين‭ ‬الى‭ ‬لبنان‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الأزمة‭ ‬السورية‭ ‬وصل‭ ‬الى‭ ‬نحو‭ ‬1300‭ ‬عائلة‭ ‬بحسب‭ ‬وكيل‭ ‬رئيس‭ ‬الطائفة‭ ‬الآشورية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬الخورأسقف‭ ‬يكروم‭ ‬كوليانا،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يسافر‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬الى‭ ‬أوستراليا‭ ‬وكندا‭ ‬وأوروبا‭.‬
بلد‭ ‬الأقليّات‭ ‬يستقبل‭ ‬المزيد‭ ‬منهم
لم‭ ‬يكن‭ ‬السوريون‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬العرقية‭ ‬الآشورية،‭ ‬وحدهم‭ ‬في‭ ‬محنة‭ ‬اللجوء‭ ‬الى‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬السوري‭ ‬والعالم‭. ‬فقد‭ ‬اضطر‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأكراد‭ ‬والأرمن‭ ‬والسريان‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬الأقليات‭ ‬الاثنية‭ ‬المتنوعة‭ ‬الهرب‭ ‬بعيداً‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬العنف‭ ‬والواقع‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬فرض‭ ‬على‭ ‬مدنهم‭ ‬وقراهم‭.‬
يقول‭ ‬جوني‭ ‬عازرا،‭ ‬وهو‭ ‬شاب‭ ‬سوري‭ ‬سرياني‭ ‬لجأ‭ ‬الى‭ ‬لبنان‭ ‬عام‭ ‬2014‭: ‬‮«‬التفجيرات‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬منزلي‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬القامشلي،‭ ‬وحادثة‭ ‬تعرض‭ ‬ابني‭ ‬للخطف‭ ‬لساعات،‭ ‬والخوف‭ ‬والرعب‭ ‬اللذان‭ ‬عشناهما،‭ ‬حملتنا‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬اللجوء‭ ‬الى‭ ‬مكان‭ ‬أكثر‭ ‬أمناً‮»‬‭.‬
يقيم‭ ‬جوني‭ ‬برفقة‭ ‬زوجته‭ ‬وابنه‭ ‬ذي‭ ‬الثمانية‭ ‬أعوام‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬النبعة‭ ‬التابع‭ ‬لبلدية‭ ‬برج‭ ‬حمود‭. ‬وهو‭ ‬حي‭ ‬ذو‭ ‬تركيبة‭ ‬سكانية‭ ‬مختلطة،‭ ‬يقطنه‭ ‬لبنانيون‭ ‬من‭ ‬طوائف‭ ‬متنوّعة،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬والعراقيين‭ ‬وأعداد‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬الأفارقة‭ ‬و‭ ‬الآسيويين‭.‬
‮«‬الشغل‭ ‬على‭ ‬قد‭ ‬الحال،‭ ‬والآجار‭ ‬غالي،‭ ‬وفي‭ ‬شوية‭ ‬مشاكل‭ ‬هون‭.. ‬ماني‭ ‬مرتاح‭ ‬نفسياً‭ ‬بس‭ ‬عم‭ ‬ندبّر‭ ‬حالنا‮»‬،‭ ‬بهذه‭ ‬الكلمات‭ ‬يختصر‭ ‬جوني‭ ‬أوضاعه‭ ‬المعيشيّة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭. ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬جمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬كنائس،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تثمر‭ ‬طلباته‭ ‬بقبول‭ ‬ابنه‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬بشكل‭ ‬مجاني،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬قوله‭.‬
ويتابع‭ ‬القول،‭ ‬ان‭ ‬أهم‭ ‬الصعوبات‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬هي‭ ‬عدم‭ ‬حيازته‭ ‬أوراق‭ ‬اقامة‭ ‬قانونية،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬الاجراءات‭ ‬المشدّدة‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬السلطات‭ ‬اللبنانية‭ ‬على‭ ‬السوريين‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬والتي‭ ‬تقتضي‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬كفيل‭ ‬لبناني،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬رسوم‭ ‬معاملة‭ ‬التجديد‭ ‬السنوي‭ ‬للاقامة‭ ‬التي‭ ‬تكلف‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬دولار‭ ‬أميركي‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يحدّ‭ ‬من‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التنقل‭ ‬ويجعله‭ ‬عرضة‭ ‬للتوقيف‭ ‬أو‭ ‬الاستغلال‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬وجد‭.‬
يذكر‭ ‬أن‭ ‬أماكن‭ ‬اقامة‭ ‬اللاجئين‭ ‬الآشوريين‭ ‬والسريان‭ ‬تتركز‭ ‬في‭ ‬‮«‬حي‭ ‬الاشوريين‮»‬‭ ‬في‭ ‬سد‭ ‬البوشرية،‭ ‬والسبتية‭ ‬والأشرفية‭ ‬وغيرها‭.‬
 
أرمن‭ ‬سوريا‭ ‬ورحلة‭ ‬نزوح‭ ‬جديدة
يمكن‭ ‬القول‭ ‬ان‭ ‬اوضاع‭ ‬اللاجئين‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الأقليات‭ ‬الدينية‭ ‬والعرقية‭ ‬السورية‭ ‬تشبه‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭ ‬أوضاع‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬عموم‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭.‬
غير‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأقليات‭ ‬الموجودة‭ ‬ضمن‭ ‬نسيج‭ ‬المجتمع‭ ‬اللبناني‭ ‬تحاول‭ ‬دعم‭ ‬ومساعدة‭ ‬أبناء‭ ‬عمومتهم‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬بعض‭ ‬الجمعيات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬انشطة‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭. ‬وفي‭ ‬حالات‭ ‬أخرى‭ ‬يتم‭ ‬احتضان‭ ‬اللاجئين‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬المضيفة‭ ‬ذات‭ ‬الأصول‭ ‬المشتركة‭.‬
ينطبق‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬الأرمن‭ ‬الذين‭ ‬هجّرتهم‭ ‬السلطات‭ ‬العثمانية‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬الى‭ ‬سوريا‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬مئة‭ ‬عام،‭ ‬وهم‭ ‬يعيشون‭ ‬اليوم‭ ‬تجربة‭ ‬نزوح‭ ‬ثانية‭ ‬الى‭ ‬لبنان‭ ‬بسبب‭ ‬النزاع‭ ‬الدائر‭ ‬في‭ ‬سوريا‭.‬
يقول‭ ‬طوني،‭ ‬وهو‭ ‬شاب‭ ‬أرمني‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬السليمانية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬حلب‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬إن‭ ‬عامل‭ ‬اللغة‭ ‬والثقافة‭ ‬المشتركة‭ ‬سهّل‭ ‬عليه‭ ‬الاندماج‭ ‬والتعاطي‭ ‬مع‭ ‬بيئته‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬برج‭ ‬حمود‭. ‬ويضيف‭ ‬أنّ‭ ‬أقرباءه‭ ‬وجدوا‭ ‬المعاملة‭ ‬الحسنة‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬عنجر‭ ‬ذات‭ ‬الأغلبية‭ ‬الأرمنية‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬البقاع‭ ‬اللبناني‭.‬
تقدّر‭ ‬أعداد‭ ‬الأرمن‭ ‬الذين‭ ‬لجأوا‭ ‬الى‭ ‬لبنان‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الأزمة‭ ‬السورية‭ ‬بنحو‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬لاجىء،‭ ‬بحسب‭ ‬مصادر‭ ‬مطلعة،‭ ‬غادر‭ ‬نحو‭ ‬40‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬منهم‭ ‬الى‭ ‬دول‭ ‬اوروبا‭ ‬وكندا‭ ‬وأوستراليا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬فضّل‭ ‬آخرون‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬ارمينيا‭ ‬الوطن‭ ‬الأم‭. ‬ويشار‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬أكثرهم‭ ‬قدِموا‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬حلب‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬مجموعات‭ ‬وصلت‭ ‬من‭ ‬حمص‭ ‬والساحل‭ ‬السوري‭ ‬والقرى‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬السورية‭ - ‬التركية‭.‬
وبالنسبة‭ ‬الى‭ ‬أماكن‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬فهم‭ ‬يتوزّعون‭ ‬كبقية‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المناطق‭ ‬اللبنانية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تتركز‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬برج‭ ‬حمود‭ ‬وبلدات‭ ‬المتن‭ ‬الشمالي‭.‬
مكوّنات‭ ‬سوريّة‭ ‬أخرى‭ ‬مرّت‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬
كان‭ ‬الأكراد‭ ‬السوريون‭ ‬يشكّلون‭ ‬شريحة‭ ‬مهمّة‭ ‬من‭ ‬شرائح‭ ‬اليد‭ ‬السورية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأعمال‭ ‬والمهن‭ ‬الحرة‭.‬
ومع‭ ‬توسّع‭ ‬الأزمة‭ ‬السورية‭ ‬واحتدام‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الكردية‭ ‬بين‭ ‬وحدات‭ ‬حماية‭ ‬الشعب‭ ‬الكردية‭ ‬وتنظيم‭ ‬‮«‬داعش‮»‬،‭ ‬اضطر‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬للجوء‭ ‬الى‭ ‬المناطق‭ ‬الكردية‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬عبروا‭ ‬الحدود‭ ‬باتجاه‭ ‬لبنان‭.‬
تتحدث‭ ‬صباح‭ ‬بحسرة‭ ‬عن‭ ‬ذكرياتها‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬حلب،‭ ‬‮«‬كنّا‭ ‬نعيش‭ ‬بأمان‭ ‬ونخطّط‭ ‬لمستقبل‭ ‬جميل‭ ‬لأولادنا،‭ ‬وفجأة‭ ‬ضاع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.. ‬الله‭ ‬يلعن‭ ‬يلّي‭ ‬كان‭ ‬السبب‮»‬‭.‬
نشأت‭ ‬صباح‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬القرى‭ ‬الكردية‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬التركية‭ - ‬السورية،‭ ‬ثم‭ ‬انتقلت‭ ‬برفقة‭ ‬زوجها‭ ‬الى‭ ‬حي‭ ‬الشيخ‭ ‬مقصود‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬حلب‭. ‬ومع‭ ‬وصول‭ ‬المعارك‭ ‬بين‭ ‬اطراف‭ ‬النزاع‭ ‬السوري‭ ‬الى‭ ‬المدينة،‭ ‬انتهى‭ ‬بهم‭ ‬المطاف‭ ‬كلاجئين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭. ‬
تقول‭ ‬صباح‭: ‬‮«‬يتدبّر‭ ‬السوريون‭ ‬الأكراد‭ ‬أمورهم‭ ‬لوحدهم،‭ ‬ولا‭ ‬نشعر‭ ‬بأنه‭ ‬مرحب‭ ‬بنا‭ ‬كثيراً‭ ‬بين‭ ‬أكراد‭ ‬لبنان‮»‬‭. ‬وتؤكد‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يستقبلون‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬هيئات‭ ‬كردية‭ ‬محلية،‭ ‬عدا‭ ‬بعض‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬كانوا‭ ‬يحصلون‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬الى‭ ‬آخر‭ ‬عبر‭ ‬مفوضية‭ ‬اللاجئين‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭.‬
تعدّ‭ ‬صباح‭ ‬أيامها‭ ‬بانتظار‭ ‬اتمام‭ ‬معاملة‭ ‬‮«‬لمّ‭ ‬الشمل‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬زوجها‭ ‬الذي‭ ‬غادر‭ ‬لبنان‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬عام‭ ‬ونصف‭ ‬العام‭ ‬لاجئاً‭ ‬الى‭ ‬ألمانيا‭.‬
يذكر‭ ‬أن‭ ‬أماكن‭ ‬وجود‭ ‬اللاجئين‭ ‬الأكراد‭ ‬تتركز‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬برج‭ ‬حمود‭ ‬والنبعة‭ ‬ومخيم‭ ‬برج‭ ‬البراجنة،‭ ‬وتتوزع‭ ‬بقية‭ ‬العائلات‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭.‬
أرقام‭ ‬وإحصاءات
تشير‭ ‬أحدث‭ ‬تقارير‭ ‬المفوضية‭ ‬السامية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين‭ ‬الى‭ ‬وجود‭ ‬نحو‭ ‬1‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬لاجىء‭ ‬سوري‭ ‬مسجّل‭ ‬في‭ ‬لبنان‭. ‬فيما‭ ‬تشير‭ ‬المصادر‭ ‬الرسمية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عددهم‭ ‬يفوق‭ ‬الـ‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬لاجئ‭.‬
ويفيد‭ ‬مصدر‭ ‬مطلع‭ ‬على‭ ‬ملف‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬بلدية‭ ‬برج‭ ‬حمود،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬بمكان‭ ‬معرفة‭ ‬احصاءات‭ ‬دقيقة‭ ‬عن‭ ‬أعداد‭ ‬الأقليات‭ ‬السورية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭. ‬فبعضهم‭ ‬من‭ ‬ميسوري‭ ‬الأحوال،‭ ‬أو‭ ‬تربطهم‭ ‬صلات‭ ‬قرابة‭ ‬مع‭ ‬عائلات‭ ‬لبنانية‭ ‬قامت‭ ‬باستضافتهم،‭ ‬لذلك‭ ‬فهم‭ ‬لم‭ ‬يطلبوا‭ ‬لا‭ ‬الاغاثة‭ ‬ولا‭ ‬تسجيل‭ ‬اسمائهم‭ ‬في‭ ‬مفوضية‭ ‬اللاجئين‭ ‬أو‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭. ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬دخل‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬شرعية،‭ ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬آخرين‭ ‬كانوا‭ ‬يقيمون‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬الأزمة‭ ‬السورية‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭. ‬يضاف‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬والأفراد‭ ‬يغادرون‭ ‬للاستقرار‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أجنبية،‭ ‬وتالياً‭ ‬فالأعداد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تغيّر‭ ‬مستمر‭.‬
لاجئون‭ ‬ولكن‭ ‬الى‭ ‬حين
يسعى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬ودول‭ ‬الجوار‭ ‬السوري‭ ‬للسفر‭ ‬الى‭ ‬دول‭ ‬أكثر‭ ‬تقدماً‭ ‬واستقراراً‭ ‬لبدء‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‭ ‬وبناء‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل،‭ ‬بعيداً‭ ‬من‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬يتعرضون‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭.‬
وفي‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬تركيا‭ ‬تشكل‭ ‬بوّابة‭ ‬عبور‭ ‬رئيسيّة‭ ‬لجميع‭ ‬الحالمين‭ ‬بالوصول‭ ‬الى‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬شرعية،‭ ‬تقلصت‭ ‬فرصة‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬السفر‭ ‬إليها،‭ ‬كبلد‭ ‬للعبور‭ ‬الى‭ ‬القارة‭ ‬العجوز،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصدرت‭ ‬الحكومة‭ ‬التركية‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تحدّ‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬السوريين‭ ‬على‭ ‬السفر‭ ‬اليها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استصدار‭ ‬‮«‬فيزا‮»‬‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬السفارة‭ ‬والتي‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬يقابل‭ ‬طالبوها‭ ‬بالرفض‭. ‬ولذلك‭ ‬باتت‭ ‬الفرصة‭ ‬الوحيدة‭ ‬للهجرة‭ ‬تتم‭ ‬عبر‭ ‬التقدم‭ ‬بطلبات‭ ‬قانونية‭ ‬في‭ ‬سفارات‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬المقصودة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬المفوضية‭ ‬السامية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين‭ ‬والتي‭ ‬تقوم‭ ‬بإعادة‭ ‬توطين‭ ‬عدد‭ ‬معيّن‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬المسجلين‭ ‬ضمن‭ ‬قوائمها‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬ستقوم‭ ‬باستقبالهم‭.‬
وفي‭ ‬معرض‭ ‬حديثنا‭ ‬عن‭ ‬الأقليّات‭ ‬الاثنية‭ ‬السورية‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬تجدر‭ ‬الاشارة‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬لبعضهم‭ ‬امتيازات‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬أبناء‭ ‬بلدهم‭ ‬في‭ ‬فرص‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬هجرة‭ ‬قانونية‭.‬
يقول‭ ‬مالك‭ ‬أحد‭ ‬المكاتب‭ ‬التي‭ ‬تتولى‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬طلبات‭ ‬الهجرة‭ ‬للاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬ومتابعتها،‭ ‬إن‭ ‬فرصة‭ ‬قبول‭ ‬طلبات‭ ‬الهجرة‭ ‬للمسيحيين‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬بقية‭ ‬الطوائف،‭ ‬حيث‭ ‬بات‭ ‬استصدار‭ ‬ورقة‭ ‬‮«‬شهادة‭ ‬معمودية‮»‬‭ ‬من‭ ‬الكنيسة‭ ‬وارفاقها‭ ‬ضمن‭ ‬طلب‭ ‬الهجرة‭ ‬أمراً‭ ‬ضرورياً‭ ‬لتدعيم‭ ‬نسبة‭ ‬القبول‭.‬
ويتابع‭: ‬إن‭ ‬أكثر‭ ‬الطلبات‭ ‬تقدم‭ ‬حالياً‭ ‬الى‭ ‬اوستراليا‭ ‬وكندا،‭ ‬وإن‭ ‬الآشوريين‭ ‬والسريان‭ ‬هم‭ ‬الأوفر‭ ‬حظاً‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬الموافقة‭.‬

A+
A-
share
أيلول 2016
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
10 كانون الأول 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
10 كانون الأول 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد