معيب جداً أن يتحوَّل الإنسان إلى رقم. يُنظر إليه من خلال علم الحساب والإحصاء. تُنزع عنه شخصيته وتغيَّب قيمه ويتحوَّل إلى عبء في معادلة ديموغرافية، أو إلى مجموع بحاجة إلى علاج.
السوريون في لبنان، يتحوَّلون إلى أرقام. الهدف، تخويف اللبنانيين من «غزو النازحين».
معيب أكثر، أن تختصر المأساة بالكم. لكل إنسان حكايته وقضيته. التعميم تغييب متعمّد للتفاصيل. ومأساة النازحين تكمن في تفاصيل معاناتهم، ومعاناتهم جلجلة. لا تبدو أن القيامة قريبة. أن يصبح النازح مشكلة سياسية، كما هو في أوروبا التي أوصدت أبوابها، فهذا مشين. هو قضية إنسانية، بحاجة إلى علاج من منطلق الأخوّة الإنسانية. يكفي النازح مشقّة لجوئه. التخفيف عنه واجب أخلاقي. لم ترتقِ البشرية بعد إلى سوية «الأخوّة الإنسانية».
يعاني لبنان من مشكلاته السابقة حيال النزوح السوري. تكبيد النازح هذه المشكلات أو مضاعفتها، غش موصوف. وتهرّب من الصدق.
لعلّ العالم يستفيق يوماً، ليشرِّع قانوناً لـ«حقوق النازحين»، طالما أن الحروب لن تتوقف، والصراعات تزداد، وتهجير الناس من نتائج هذا العنف.
السلام، مشروع بعيد المنال. حماية النازحين والهاربين من الحروب، مشروع يفترض العمل من أجله. علاج الحروب بوقفها، وعلاج النزوح «بسلام مؤقت» في الشتات المديد... لعل شيئاً قريباً من هذا، يحدث. فالحرب لا تزال في بدايتها.