غالباً ما يترافق النزوح السكاني مع انتشار الامراض الانتقالية التي قد تشكّل حالة من الذعر في المجتمعات خصوصاً عند غياب التوعية والتوجيه الى الطرق السليمة والصحية للوقاية منها. وتحدث هذه الامراض نتيجة تردّي الظروف المعيشية والمجتمعية التي تترافق مع النزوح، وشحّ المياه الآمنة أي الصالحة للشرب والخالية من الجراثيم والتلوث، حتى تلك التي تستخدم لغسل الخضار والفاكهة وللاستعمال الشخصي، هذا فضلاً عن مشكلة التخلص من النفايات الصلبة والسائلة ضمن النازحين.
وتشمل حملة التوعية الاهتمام بالنظافة الشخصية لا سيما غسل اليدين بشكل متكرر، وتأمين المياه الصالحة للشرب، والتخلص الآمن من النفايات، وإمكان تغيير الظروف الاجتماعية بالتعاون مع الوزارات المعنية والبلديات والمجتمع المدني، لأن الأمن الصحي يطاول الجميع، والمشكلة ليست محصورة فقط بمجموعة من الأشخاص الذين يعانون من النزوح. لذلك من الضروري التزام روزنامة التلقيح التي تعتمدها وزارة الصحة، وعدم نشر الذعر لأننا باللقاحات واعتماد النظافة الشخصية نقلل من خطر الاصابة بالمرض.
ونقلاً عن برنامج الرصد الوبائي في وزارة الصحة العامة (الموقع الالكتروني لوزارة الصحة في لبنان) تبيّن أنه منذ الشتاء الماضي يعاني النازحون من موجة النكاف (ابو كعيب) حيث سجّلت 177 حالة منذ بداية العام الحالي، وهناك أيضاً التهاب الكبد الوبائي ألف (الصفيرة) 109 حالات، الليشمانيا (حبة حلب) 12 حالة، التهاب السحايا بكل أنواعها 99 حالة، التهاب الكبد الفيروسي باء 16 حالة، الشلل الرخو الحاد 4 حالات، ولم تسجل أي حالة شلل أطفال من بينها. وهذه النتائج تحصل عليها الوزارة من المستشفيات والمراكز الصحية في كل المناطق اللبنانية.
جدير بالذكر أن وزارة الصحة لا تتعامل مع النزوح السوري كوحدة مستقلة لأنه جزء من المنظومة الصحية العامة، حيث أن لا حدود أو هوية للأمراض الانتقالية، كما أوضحت رئيسة مصلحة الطب الوقائي في الوزارة الدكتورة عاتكة بري قائلة إنه عند انتشار مرض انتقالي تتعامل معه الوزارة على أنه مصدر خطر على المجتمع ككل، وعلى جميع الموجودين على الأراضي اللبنانية، وبالتالي تتوحد الاجراءات لما فيه المصلحة الصحية للجميع.
وتحدثت الدكتورة بري عن مواجهة موجة النكاف (ابو كعيب) وقالت: «ان الوزارة تنصح بمراجعة الروزنامة التلقيحيّة لكل مصاب، وتعويض النقص في اللقاحات لمزيد من الحماية في حال إصابة أحد المواطنين خصوصاً بين تلامذة المدارس أو طلّاب الجامعات، ومن الضروري أن يلازم المريض المنزل لمدة 5 أيام، أو حتى زوال أعراض التورم في الغدد اللعابية، وأبرز أعراضه ارتفاع الحرارة، وتورم الغدد اللعابية التي تظهر على خد المصاب أو على كلا الخديّن.
وعلى صعيد الليشمانيا، ونحن في فصل الصيف، تنصح الوزارة بضرورة إزالة النفايات بشكل دائم، ومكافحة الحشرات خصوصاً ذبابة الرمل التي هي أصغر حجماً من البعوضة وتسبب لسعتها الليشمانيا اذا كانت تحمل الطفيلية المسببة للمرض، وهي تتكاثر بين النفايات، ومن هنا أهمية مكافحتها، وضرورة تغطية موضع الإصابة للتقليل من خطر العدوى».
وعن تفادي التهاب الكبد الوبائي ألف، قالت الدكتورة بري إنه «من المهم استعمال المياه الآمنة واعتماد مبادىء سلامة الغذاء، وتناول الأطعمة السليمة الخالية من الجراثيم، واعتماد النظافة خلال تحضير الطعام وتقديمه وعدم خلط الأطعمة بعضها ببعض خصوصاً عند تحضيرها. ومن أعراض المرض ارتفاع في الحرارة وغثيان وتقيّؤ، ومن المحتمل الاصابة بالاسهال، ويظهر اليرقان (اصفرار في العين) عند الذين تجاوزوا سن السابعة من العمر، أما من هم تحت هذه السن فلا يظهر اليرقان عند نحو 70 % من المصابين، من هنا ضرورة مراقبة الأعراض الأخرى لدى الأطفال والرضّع».
وتشدد الوزارة على أهمية التوعية بين الأهل والأساتذة، والتزام العلاج الذي يصفه الطبيب مع عدم اللجوء العشوائي الى المضادات الحيوية التي تضر بالحالة خصوصاً في حالات التهاب الكبد الوبائي ألف لأنه قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. ومن المهم عزل المرضى إلى حين شفائهم كي لا تنتقل العدوى.
ويعاني بعض التلامذة النازحين من الإصابة بالجرب والقمل نتيجة الاكتظاظ وعدم توفر أدنى الشروط الصحية. ومن أبرز الأعراض الحكاك المتكرر في المنطقة المصابة، (كوجود القمل في الرأس مثلاً)، وربما يؤدي هذا الحكاك إلى ظهور تقرّحات قد تتعرض للالتهاب بسبب البكتيريا التي تنتشر عادة على جلد الانسان، هو مرض طفيلي علاجه النظافة مع تغيير الشراشف والوسادة والثياب بشكل متكرر، وكذلك استخدام العلاج الموضعي.
إنّ وزارة الصحة لا تتعامل مع النزوح السوري كوحدة مستقلة لأنه جزء من المنظومة الصحية العامة، حيث أن لا حدود أو هوية للأمراض الانتقالية