بحثاً عن تعريف للُّجوء

salam wa kalam website logo
trending شائع
نشر في 01 تموز 15 0 دقائق للقراءة
بحثاً عن تعريف للُّجوء
ما معنى أن تكون لاجئاً؟ سؤال ضاع بين خطابي الشيطنة أو الضحية المطلقة المسيطرين على أدبيات تعاملنا مع قضية النازحين السوريين. صار اللاجئ (النازح في تسميته الرسمية) مادة في كلا الخطابين، رغم التناقض المطلق بينهما، فيما هو في جوهر قصته شخص يتلقى تبعات النزوح القسري ويتعامل - وفق شخصيته - مع ظروفه الجديدة. ما معنى أن تكون لاجئاً؟

سؤال يكرّره عدد كبير من النازحين على أنفسهم، وعلى مسامع من يعايشهم، باعتباره المحدّد لحالتهم، وهو طاغٍ بين صبيان وبنات في سن المراهقة أو يقتربون منها لدى فئات عمرية بذاتها.
«آني لاجئة، آني هالساع صار إسمي لاجئة، آني لاجئة» تقول أميمة بحدة وبلهجة أهل درعا، بلدتها التي تركتها قبل ثلاث سنوات ونيف. التعريف طغى على اسمها في ذهنها، صار محدداً لهويتها، محدداً للطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها، أي مجتمع اللاجئين، محدداً لوضعها كشخص فاقد مقوّمات العيش الأساسية.
«صار إسمي لاجئة» تقول الصبية الصغيرة، «يعني لا بيت، ولا ثياب جديدة، يعني أن تكون المدرسة مهملة، أن أتحمل الشتاء القارس والصيف الحار».
وما اعترفت به أميمة، يرفضه آخرون. ففي مخيم في قب الياس، يجتمع صِبية حول عبد الله (15 عاماً)، يغوصون في نقاشات تبدو أكبر من أعمارهم بكثير، بعبارات لا تشبه قاموس أبناء جيلهم، يتحدثون عن «الغد المستحيل» و«الأفق المسدود» و«الحلول المؤجلة». هؤلاء يكرهون كلمة لاجئ، عبد الله نفسه يشدّد «لا تسمّوه مخيماً، هو ورشة، ورشة أجبرنا على العيش فيها من دون انقطاع»، كلمة لاجىء بالنسبة إليه ولآخرين أشبه بالإهانة.
في مشروع «رؤية الذات» الذي أدارته الفنانة سابين شقير والمخرجة إليان الراهب، ودعمته منظمة «يونيسف»، نفّذ لاجئون مراهقون أفلاماً قصيرة عبّروا خلالها عما يشغلهم في إطار ظروف عيشهم كلاجئين. من بين هذه الأفلام فيلم عنوانه «زيز»، لا تزيد مدّته عن خمس دقائق، تتردد فيه كلمة «زيز» عشرات المرات، كما تتردد يومياً في حياة اللاجئين المراهقين، يكررها صبيان مثلهم، لبنانيون. و«الزيز» هو حشرة صغيرة شديدة الإزعاج ولا فائدة منها.
ويمكن القول أن مشاهدة كل الأفلام التي أنتجت في إطار مشروع «رؤية الذات» تسمح لمتابعها بالخروج بإجابات عن السؤال حول معنى اللجوء.
معنى أن تكون لاجئاً، يعني أن يكون المراهق عرضة يومية للإساءات الكلامية وللضرب والإهانة، أي أن يشعره الآخرون بأنهم أسياد قادرون على التدخل في شؤونه.
معنى أن تكون لاجئاً يعني أن يكون المراهق بلا حماية.
معنى أن تكون لاجئاً يعني أن يكون المراهق معجباً بأسلوب حياة أبناء البلد المضيف، فيحاول تقليدهم لكنه في نظرهم بشع حتماً.
معنى أن تكون لاجئاً يعني أن يعمل المراهق في أشغال جسدية منهكة وأن يتقاضى «الملاليم».
معنى أن تكون لاجئاً يعني أن يواجه المراهق مطبّات الدراسة في مدارس تمتهن المتاجرة بقضايا اللاجئين، فيخرجون منها بلا شهادات.
وللجوء بالطبع عشرات المعاني الأخرى التي يستلزم فهمها العيش مع اللاجئين شهوراً، لا أن نسقط عليهم آراءنا وأجنداتنا وما تنتجه أحياناً مخيلاتنا.
A+
A-
share
تموز 2015
أنظر أيضا
07 أيار 2020 بقلم جورج حابك، صحافي
07 أيار 2020
بقلم جورج حابك، صحافي
07 أيار 2020 بقلم جاد ملكي، باحث
07 أيار 2020
بقلم جاد ملكي، باحث
07 أيار 2020 بقلم جنى الدهيبي، صحافية لبنانية تعمل في جريدة المدن الإلكترونية وتتعاون مع عدد من المنصات العربية
07 أيار 2020
بقلم جنى الدهيبي، صحافية لبنانية تعمل في جريدة المدن الإلكترونية وتتعاون مع عدد من المنصات العربية
أحدث فيديو
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
10 كانون الأول 2024 بقلم زهراء عياد، صحافية
10 كانون الأول 2024
بقلم زهراء عياد، صحافية
07 كانون الأول 2024 بقلم نايا فجلون، صحافية
07 كانون الأول 2024
بقلم نايا فجلون، صحافية
تحميل المزيد