وللتربية دور أساسي ومحوري في صنع السلام وإنهاء حالة الاحتراب والفوضى ومظاهر العنف... ولها أيضاً دور أساسي في تعزيز ثقافة حل الإختلافات بوسائل سلمية وإنسانية، وهذا الأمر يتطلب وجود مناهج عصرية لتدريس تحدّيات تحقيق السلام، وتطوير المهارات اللاعنفيّة، وتعزيز المواقف السلميّة.
ولأن الحروب تولد في العقل البشري فإن دور التربية في صنع السلام وإرساء دعائمه لا يقتصر على المدرسة والجامعة، بل هو عمل مشترك ما بين الأهل والمربين والمعلمين. من هنا أهمية التربية التي تؤدي دوراً أساسياً في تغيير العقليّة باتجاه ضبط العوامل النفسيّة التي تدعم العنف، وفي تفكيك الأحكام المسبقة، وفي تفعيل الحوار وتعزيز الاحترام المتبادل وبناء الجسور بين الفوارق.
وضمن هذا الإطار إن مساهمة التربية في بناء السلام المنشود يكون من خلال وضع المناهج التربوية الحديثة العصرية القادرة عبر التعليم الأساسي وأيضاً الجامعي على الإسهام في إرساء المفاهيم التالية:
- إشاعة مفهوم ثقافة السلام، ونبذ العنف على الصعيد الاجتماعي بمختلف الطرق والوسائل.
- إشاعة مفاهيم التسامح، والتركيز على أحكام السلم والسلام من منطلق أن الاختلاف والتعدّد والتنوع بكل أشكاله هو مصدر غنى للحياة الإنسانية.
- التركيز على ترسيخ ثقافة احترام حقوق الإنسان وحرياته التي تكفلت بضمانها الشرائع السماوية جميعاً، والمواثيق الدولية، والنصوص القانونية الوطنية في جميع الظروف.
- أهمية المساواة بين الجميع، وعدم التمييز لأي سبب كان بين الرجال والنساء، أو بين الأفراد بمختلف الإنتماءات.
- ترسيخ مبادئ الديمقراطية وقيم التداول السلمي للسلطة، والابتعاد عن الخطاب المتشنج وأي سلوكيات وممارسات عنصرية.
إن تحقيق ما تقدم، يتطلّب شراكة حقيقية بين الجهات الفاعلة الرسمية والإجتماعية للسير قدماً نحو آفاق إنسانية واعدة يكون فيها للتربية الدور الفاعل في ترسيخ ثقافة قبول التنوع، وحل الاختلاف بوسائل الحوار وبكل الطرق الإنسانية التي تضمن احترام حق الإختلاف وتنظمه ضمن الإطار الذي يحفظ السلم والسلام على نحو ثابت ومستدام.