وكانت طرابلس قد شهدت خلال العام الماضي صدامات عنيفة، ومن ضمنها مؤخراً تفجيرا جبل محسن المأسويان، وهذا ما دفع بالبعض إلى الخوف من أن تكون مثل هذه الحوادث شرارةً لاندلاع حرب أهلية فيها. إلاّ أن أهاليها قاوموا هذه الاستفزازات، وتمسّكوا برغبتهم في مواصلة العيش بتناغم وسلام ما يعكس مرونة الشعب اللبناني بأسره. وهذا الأمر يتوافق مع الهدف الذي كشف عنه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بيان المهمة العالمي الذي اعتمده مؤخراً تحت شعار: «شعوب متمكنة، أمم صامدة».
يسلّط هذا الملحق الضوء على الحقائق التاريخية والوطنية والاجتماعية لطرابلس والتي تشوّهها غالباً تصنيفات غير صحيحة لها كبؤرة للعنف والقتال إن لم تكن للإرهاب. وفي واقع الأمر، تبقى هذه المدينة من بين المدن اللبنانية التي حافظت على طابعها الأصلي المتجذّر في التاريخ العربي، فضلاً عن كونها مركزاً اقتصادياً مهماً في لبنان الشمالي حيث لا تزال المناطق المحيطة بها تعتمد عليها في أعمالها التجارية اليومية. فهي تشكّل بأحيائها وبأسواقها الشعبية ملتقى حقيقياً يجتمع فيه أشخاص من أوساط اجتماعية ودينية مختلفة يحوّلونها مساحة نابضة بالحياة.
وعلى الرغم مما تقدّم، تعاني المدينة من مستوى فقر هو الأعلى في لبنان، لذا، لا تزال الحاجة ملحّة إلى إحياء مشاريع كبرى فيها على غرار المرفأ ومعرض رشيد كرامي الدولي. وهي تفتخر باحتضانها مواقع ثقافية وتاريخية تستحق اهتماماً عاجلاً للمحافظة عليها وإعادة تأهيلها والترويج لها.
وفي منطقة تعجّ بالاضطرابات والثورات، لا ينبغي القول إن طرابلس مجرّد بوابة رئيسيّة إلى سوريا، وإنّما الأهم هو أنها بوابة إلى لبنان موحّد.